ثم دخلت سنة ست وثمانين وثمانمائة في يوم الخميس رابع عشر المحرم دخل قاضي القضاة محيي الدين أبو الفضل عبد القادر بن جبريل الغزي الشافعي إلى القدس الشريف متوليا قضاء الشافعية بالقدس والرملة ونابلس عوضا عن القاضي فتح الدين ابن الأسيل بعد شغوره عنه لغيبته من شهر رمضان سنة أربع وثمانين وكانت ولاية القاضي محيي الدين من أواخر سنة خمس وثمانين وقرئ توقيعه في يوم الجمعة ثاني يوم دخوله.
وفيها سير السلطان إلى القدس الشريف من القاهرة جماعة من المعمارية والمهندسين والحجارين لعمارة مدرسته فحضر معهم شخص نصراني من المهندسين بالقاهرة له حذق في الهندسة فلما رأى المجمع السفلي المبني بالمسجد بلصق الرواق لم يعجبه فقصد هدمه بكماله ثم اقتضى الحال هدم بعضه من القبلة فهدم وهدم أيضا ثلاث قناطر من الرواق مما هو ملاصق للباب المتوصل منه إلى المنارة واجتهد المنهدسون والصناع من المصرين في العمارة وكان المتولي لذلك القاضي فخر الدين بن نسيبة الخزرجي.
وفيها في يوم الأربعاء ثامن عشر صفر ورد إلى القدس قاصد سلطان الحبشة - وكان زمن عيد النصارى المسمى بسبت النور - وعلى يده مرسوم شريف بأن يمكن جميع النصارى من الدخول إلى قمامة فمنعه المباشرون وخازندار نائب الشام الأمير قجماس وسمحوا له بالدخول هو وجماعته فامتنع من ذلك ثم سلموه مفاتيح قمامة ودخل هو وجميع طوائف النصارى بغير كلفة ولا بذل.
وفيها في يوم السبت رابع عشر رجب دخل إلى القدس السلطان جم بن محمد بن عثمان ملك الروم ودخل في خدمته ناظر الحرمين ونائب السلطنة والجم الغفير.
وفيها في يوم الخميس رابع عشري شعبان حضر إلى القدس نائب غزة برسباي وخليل بن إسماعيل شيخ جبل نابلس ومعهما خاصكي العزب وكبسهم وانصرفوا من غير شيء.