فأجاب الإفرنج إلى ذلك ودخل ابن بارزان والبطرك ومقدم الرواية والاستبارية في الضمان وبذل ابن بارزان ثلاثين ألف دينار عن الفقراء وسلموا البلد يوم الجمعة قبيل الظهر وقت الصلاة السابع والعشرين من رجب على هذا الشرط ولم تتفق يومئذ صلاة الجمعة لضيق الوقت وكان فيه أكثر من مائة ألف إنسان من الرجال والنساء والصبيان وأغلقت أبواب المدينة ورتب النواب لعرضهم واستخراج المال منهم ووكل بكل باب أمين ومقدم كبير يضبط من بدخل ويخرج فمن أدى ما عليه مكن من الخروج ومن لم يؤد قعد في الحبس وحصل التفريط من العمال في المال وشرعوا يواطئون الإفرنج في ذلك لارتشائهم منهم فمنهم من دلي من السور بالحبال ومنهم من ظهر مختفياً ومنهم من وقعت فيه شفاعة.
وكانت في القدس ملكة مترهبة ولها مال كثير فمن عليها السلطان بالإفرنج ولم يتعرض منها إلى شيء وكانت زوجة الملك المأسور ابنة الملك أيادي فخلصت بمن معها ومن تبعها وكذلك الابرنسانية ابنة فليب أم هنقرى أعفيت من الوزن واستطلق صاحب البيرة زهاء خمسمائة أرمني ادع إنهم من بلده وإنهم حضروا للزيارة وطلب مظفر الدين كوكبوري ألف أرمني ادعى إنهم من الزهاد فأطلقهم السلطان.
وكان السلطان قد رتب عدة دواوين في كل ديوان منها عدة من النواب المصريين ومنهم من الشاميين فمن أخذ من أحد من الدواوين خطاً بالأداء انطلق مع الطلقاء بعد عرض خطه على من الباب من الأمناء والوكلاء
وحصل من الأمناء مواطأة واختلاس كثير في المال ومع ذلك حصل لبيت المال ما يقارب مائة ألف دينار. وبقي من الإفرنج جماعة في الأسر لعدم القيام بما عليهم.