وقدم إلى دمشق وولي قضاءها ثم ولي قضاء القدس وكانت ولايته في سنة خمس وأربعين وثمانمائة ثم أعيد إلى قضاء الشام فسار سيرة حسنة بحرمة وعفة ونزاهة وكان يحفظ الشفاء غائبا توفي في سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة.
قاضي القضاة شمس الدين محمد البساطي المالكي وكان من أهل العلم وولايته في سنة ست وأربعين وثمانمائة وأقام مدة يسيرة.
قاضي القضاة شرف الدين أبو الروح عيسى بن شمس الدين محمد المغربي الشحيني المالكي الشيخ الإمام العلامة المحقق كان من أكابر أهل العلم ولي قضاء بيت المقدس بعد البساطي وكان متوليا في سنة سبع وأربعين وباشر بعفة وشهامة ولم يلي القضاء مثله في العفة والتقوى والعلم وكان له هيبة زائدة ووقع في القلوب وكان من قضاة العدل والعالمين العاملين لا يحابي أحدا في الحكم ولا يخاف في الله لومة لائم.
ومما وقع له ان نائب القدس مبارك شاه حين ولي النيابة ودخل القدس ركب القضاة للقائه على العادة وألبس خلعة السلطان وكان قد أمسك جماعة من الفلاحين فلما وصل بهم إلى باب الخليل قصد شنقهم أو شنق واحد منهم فأمر بذلك فتقدم إليه القاضي شرف الدين عيسى المالكي وقال له ما الذي تريد تفعل بحضورنا؟ فقال له أشنق هؤلاء قال بأي طريق؟ قال لصوص قاتلون للنفس فقال له هل ثبت هذا عليهم بالطريق الشرعي؟ قال النائب نحن لا نحتاج إلى ثبوت فقال له القاضي تقتل مسلما عمدا بحضوري بغير حق هذا لا سبيل إليه ولكن تدخل إلى المدينة وتنظر في أمرهم فإن ثبت عليهم ما يقتضي قتلهم قتلناهم وإلا فلا سبيل إلى قتلهم فشدد النائب في أمرهم وقال لا بد من قتلهم فقال له القاضي والله لو قتلتهم بحضوري لكنت أقتلك بيدي واعلقك إلى جانبهم كما أنت بخلعة السلطان فلم يقدر النائب على مرجعته لهيبته ودخل إلى المدينة ولم يستطع قتلهم.