وفيها - أعني سنة إحدى وثمانين - في يوم الجمعة خامس عشر جمادي الآخرة رحل شيخ الاسلام الكمالي ابن أبي شريف من القدس الشريف بأولاده وعائلته إلى القاهرة المحروسة واستوطنها وكان دخوله إليها في أوائل رجب.
وفيها دخل الوباء بالطاعون حتى عم جميع المملكة وكان دخوله بيت المقدس في أوائل رجب واستمر مدة طويلة ولم يزل الطاعون بالقدس إلى مستهل ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وأفنى خلقا من الشباب والنساء وأهل الذمة ولم يكن طال ببلدة من البلاد أكثر من بيت المقدس فسبحان القادر علي ما يشاء.
ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة وفيها وصل إلى القدس الشريف الأمير جانم الخاصكي قريب السلطان وناظر الجوالي بعد عوده من المملكة الشامية وكان دخوله إلى القدس في يوم الجمعة تاسع عشر جمادي الأولى فإنه توجه إلى بلاد الشام لكشف الأوقاف وحضر إلى القدس بسبب ذلك وأوقد له المسجد الأقصى في ليلة السبت وقبة الصخرة في ليلة الأحد والمدرسة السلطانية في ليلة الاثنين وفي كل ليلة كان يقرأ له ختمات شريفة بحضوره.
وجمع له من جهة الأوقاف بالقدس الشريف تسعمائة دينار وقيل ألف دينار ومن أهل الذمة ثلاثمائة دينار فلم يقبل شيئا من جهة الأوقاف وأعاد المبلغ بكماله لمستحقيه وأخذ ما جمع له من أهل الذمة وحصل للمسلمين من مستحقي الأوقاف الجبر بذلك وتضاعف الدعاء في صحائفه وسافر من القدس في ليلة الاثنين ثالث عشري جمادي الأولى.
[(ذكر سفر السلطان إلى المملكة الشامية)]
وفيها سافر السلطان الملك الأشرف من القاهرة قاصدا المملكة الشامية فوصل إلى مدينة غزة في يوم الأربعاء تاسع شهر جمادي الآخرة في جمع قليل دون مائة نفس وولي الأمير ناصر الدين محمد بن أيوب نيابة القدس الشريف وهو بغزة