وتوفي والده الأمير ناصر الدين محمد في جمادي الأولى سنة تسع وسبعين وثمانمائة عن ست وثمانين سنة ودفن بجوار منزله بباب السلسلة.
ثم في سنة إحدى وثمانين توجه شيخ الاسلام إلى القاهرة المحروسة واستوطنها وتردد إليه الطلبة والفضلاء واشتغلوا عليه في العلوم وانتفعوا به وعظمت هيبته وارتفعت كلمته عند السلطان وأركان الدولة وفي شوال سنة ثمان وثمانين حضر إلى القدس الشريف زائرا ثم توجه إلى القاهرة في جمادي الآخرة سنة تسع وثمانين - كما تقدم ذكر ذلك -.
ولما وقع ما تقدم ذكره من هدم المدرسة الأشرفية القديمة وبناء المدرسة المستجدة المنسوبة لملك العصر مولانا السلطان الملك الأشرف وانتهت عمارتها وقدر الله تعالى وفاة الشيخ شهاب الدين العميري قبل تقرير أمرها وترتيب وظائفها - كما تقدم ذكره - برز أمر السلطان باستقرار شيخ الاسلام الكمالي فيها وطلبه إلى حضرته وشافهه بالولاية وسأله في القبول فأجاب لذلك وألبسه كاملية بسمور وحضر إلى القدس الشريف هو ومن معه من أركان الدولة الشريفة وباشرها - كما تقدم ذكره في حوادث سنة تسعين وثمانمائة -.
وحصل للمدرسة المشار إليها وللأرض المقدسة بل ولسائر مملكة الاسلام الجمال والهيبة والوقار بقدومه وانتضم أمر الفقهاء وحكام الشريعة المطهرة بوجوده وبركة علومه ونشر العلم وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وازداد شأنه عظما وعلت كلمته ونفذت أوامره عند السلطان فمن دونه وبرزت إليه المراسيم الشريفة في كل وقت بما يحدث من الوقائع والنظر في أحوال الرعية وترجم فيها بالجناب العالي شيخ الاسلام ووقع له ما لم يقع لغيره ممن تقدمه من العلماء والأكابر وبقي صدر المجالس وطراز المحافل المرجع في القول إليه والتعويل في الأمور كلها عليه وقلده أهل المذاهب كلها وقبلت فتواه على مذهبه ومذهب غيره ووردت الفتاى إليه من مصر والشام وحلب وغيرها وبعد صيته وانتشرت مصنفاته في سائر الأقطار