وفي يوم السبت ثالث عشر الشهر أشاع الكفار وصول ملك الانكثير في عدد كثير ووقع الارجاف في الناس والسلطان قوي الجنان لا يرهبه ذلك وهو معتمد على الله في أموره وأعلم ملك الانكثير أن أهل التوحيد لهم قوة وإنهم لا يبالون به.
[(غرق البطة)]
كان السلطان قد عمر في بيروت بطة وشحنها بالعدد والآلات وفيها نحو سبعمائة رجل مقاتل توسطت في البحر صادفها ملك الانكثير وأحاطت بها مراكبه وحصل القتال بين الفريقين وقتل من الإفرنج خلق كثير وعجزوا عن أخذها فلما رأى مقدمها اشتد الأمر نزل فخرقها حتى غرقت في البحر ووصل خبرها للسلطان في السادس عشر من جماد ى الأولى وكانت هذه الوقع أول حادثة حصل بها الوهن للمسلمين.
[(حريق الذبابة)]
وكان الإفرنج قد اتخذوا ذبابة عظيمة ولها أربع طبقات وهي خشب ورصاص وحديد ونحاس وقربها إلى أن بقي بينها وبين البلد خمسة أذرع وكانت هذه الذبابة على العجل وانزعج المسلمون بذلك ورموا عليها النفط وهو لا يفيد فيها حتى قدر الله تعالى وجاءها سهم صائب فأحرقها الله تعالى وحصل للمسلمين السرور وزال عنهم ما كان من الغم بسبب غرق البطة فإن حريق الذبابة كان يوم وصول خبر غرق البطة.
ثم وقع وقعات في هذا الشهر وكانت العلامة بين عسكر السلطان وبين المقيمين بعكا عند زحف العدو دق الكؤوس فإذا سمعت أدركهم العسكر فوقع