للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر قصة الرؤية]

وسار ببني إسرائيل مستقبلين الأرض المقدسة فلما أتوا إلى جانب الطور أمره الله تعالى أن يقيم ببني إسرائيل في ذلك المكان وأن يستخلف عليهم هارون وظلل الغمام ذلك الجبل كله ثم دنا منه موسى فأمره الله أن يقطع الألواح من صخرة صماء فقطعها وكتب الله فيها التوراة بيد القدرة وكان موسى يسمع جريان القلم فحدث نفسه بالرؤية لله ﷿ (فقال رب أرني أنظر إليك) فأنت الحنان المنان ذو الفضل والإحسان متفضل على بكرمك فلا تحرمني النظر إلى وجهك الكريم يا ذا الجلال والإكرام فأوحى الله إليه يا موسى سألت شيئاً لم يسأله أحد من خلقي فهل تستطيع ذلك يا موسى فإنه لا يراني أحد من خلقي إلا خر صعقاً؟ فقال موسى يا رب أراك وأموت أحب إلي من أن لا أراك وأحيا.

فأوحى الله إليه (يا موسى إنك لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً) لا يعقل من أمره شيئاً ثم أزال الله خوفه فذلك قوله (فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) معناه وأنا أول المصدقين بأنه لا يراك أحد في الدنيا ثم أوحى الله إليه (يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) ثم أوحى الله إليه (إنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري بعباد العجل).

(فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً) واشتد غضبه عليهم (وقال بئسما خلفتموني من بعدي) ثم ألقى الألواح وعمد إلى أخيه هارون وأخذ بلحيته وقال له لم لا تبعتني لما رأيتهم ضلوا أفعصيت أمري؟ فبك هارون وقال (يا بن أمي لا تأخذ بلحيتي) ولا برأسي فارفق بي فإني أكب منك سناً (إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم