الضالمين فاستحيا موسى منه ثم خلاه وضمه إلى صدره وسأل الله المغفرة ولرحمة له ولأخيه.
ثم اقبل موسى على بني إسرائيل يعاتبهم فأخبروه بقول السامري فأقبل على السامري وهو مغضب فسأله عن أمره فأخبره بما كان فهم بقتله فأوحى الله به لا تقتله فإنه سخي في قومه ولكن أخرجه عن عسكرك ثم عمد موسى إلى صخرة عظيمة ولم يزل يضرب بها العجل حتى تقطع ثم أحرقه بالنار حتى صار رماداً وذراه في البحر وقال لو كان هذا إلهاً كان يدفع عن نفسه وسكت عن موسى الغضب فأقبل على بني إسرائيل وقال لهم (إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل) فقالوا يا موسى اسأل ربك لنتوب.
فأوحى الله إليه أن لا توبة لهم لأن في قلوبهم مرضاً من حب العجل وأخرج من رماد العجل وألقاه في الماء ثم أمرهم ليشربوا منه فإنه يظهر ما في قلوبهم على وجوههم فلما فعل ذلك لم يبقى أحد ممن في قلبه مرض أو غم من كسر العجل لا أصبح مصفراً لونه فلما رأوا ذلك أيقنوا بالموت فقالوا يا موسى ما لنا والتوبة الخالصة وقد أخلصنا في توبتنا حتى إنك لو سألت ربك أن نقتل أنفسنا لقتلناها.
فأوحى الله إلى موسى إني رضيت عليهم بحكمهم في أنفسهم فذلك قوله إلى (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم) فقالوا كيف نقتل أنفسنا ونحن أهل وأقارب فأنزل الله عليهم ظلمة فلم يبصر بعضهم بعضاً حتى أن الرجل كان يأتي إلى أخيه وابن عمه فيقتله وهو لا يعرفه وكان السلاح لا يعمل فيمن لم يعبد العجل ولم يزالوا كذلك حتى خاضوا في الدماء فاستغاثوا يا موسى العفو العفو فبكى موسى ودعا إلى الله تعالى بالعفو عنهم فارتفعت عنهم الظلمة.
ثم أقبل عليهم موسى بالتوراة وقال هذا كتاب ربكم فيه الحلال والحرام وألا حكام الشرعية والسنن والفرائض والرجم للزاني والزانية المحصنين والقطع للسارق