ما أحدثوه من بناء القبة المذكورة وانفصل الأمر على ذلك فلما دخل الناس إلى المدينة ورد الخبر أن السلطان قدم إلى مدينة الرملة ونصب خيامه بها فاضطرب الحال لذلك وشرع الناس من الأعيان والأكابر في التأهب للقاء السلطان وبقي الخلق في هوج وموج فأشار شيخ الاسلام الكمالي ابن أبي شريف بالمبادرة إلى هدم القبة المذكورة قبل التوجه إلى لقاء السلطان خشية من عارض يحدث.
ثم ركب بنفسه وتوجه وصحبته الخاصكي والنائب والقضاة والجم الغفير وعادوا على الفور إلى دير صهيون وأمروا بهدمها وهم جلوس هناك فأحضرت آلات الهدم وانتهز أهل الاسلام الفرصة وهدموا القبة عن آخرها ودكوها دكا واسبعوا الكافرين صكا واستمر الهدم من ضحى النهار إلى آخره وعمل فيه خلق من الفقهاء والفقراء والصوفية والزهاد والخاص والعام كل ذلك والمسلمون تعلو أصواتهم بالتسبيح والتهليل والتكبير وكان يوما مشهودا يذكر ما سلف من الغزوات نصرة الاسلام على ملة الكفر.
وهذه المثوبة في صحائف شيخ الإسلام الكمالي فإنه هو الذي كان سببا لهذا المعروف فجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خيرا.
فلما انتهى الهدم ولم يبق للقبة أثر ورد الخبر من مدينة الرملة من جماعة حضروا منها في ذلك الوقت ان السلطان لم يكن حضر ولا خرج من القاهرة وان الخبر الوارد بقدومه إلى الرملة لا أثر له فعجب الناس لذلك وعد ذلك من بركة الاسلام فإنه لما ورد الخبر بقدوم السلطان كان السبب إلى الاسراع بهدم القبة ووقع جميع ذلك في يوم السبت ثاني شهر رجب - كما تقدم ذكره.
وكتبت محاضر بما وقع في أمر القبة وهدمه أبحكم الشرع الشريف وما تحرر من أمر قبر داود ﵇ وأنه تبيين انه بأيدي المسلمين من تقادم السنين وما وقع فيه من القراءة والذكر وكتب شيوخ الاسلام والقضاة والفقهاء خطوطهم على المحاضر ولما حضر الخاصكي بالكشف كان القاضي المالكي شمس الدين بن مازن بغزة