ليأخذها فطارت من الكوة فنظر داود أين تقع فيبعث من يصيدها فأبصر امرأة في بستان على شط بركة تغتسل وقيل رآها على سطح لها تغتسل فرأى امرأة من أجمل الناس خلقاً فتعجب داود من حسنها وحانت منها إلتفاتة فأبصرت ظله فنفظت شعرها فغطى بدنها فزاده ذلك إعجاباً بها فسأل عنها فقيل له هي شارع زوجة أوريا ابن حنانا وزوجها في غزاة بالبلقاء مع أيوب بن صوريا ابن أخت داود.
فذكر بعضهم إنه كتب داود إلى ابن أخته أيوب أن ابعث أوريا إلى موضع كذا وقدمه قبل التابوت وكان من قدم على التابوت لا يحل له أن يرجع وراءه حتى يفتح الله على يديه أو يستشهد فبعثه وقدمه ففتح الله على يديه وكتب بذلك إلى داود كتاباً يعلمه بما فتح على يديه.
فكتب له كتاباً ثانياً أن ابعثه إلى مكان كذا ليفتحه أيضاً فبعثه ففتح له وكتب لداود بذلك.
فكتب له ثالثاً أن إلى كذا وكذا فبعثه ففتح ثم بعثه إلى مكان أشد منه فقتل في المرة الثالثة.
فلما انقضت عدة المرأة تزوجها داود فهي أم سليمان ﵉ فلما دخل داود بزوجة أوريا لم يلبث معها إلا يسيراً حتى بعث الله إليه ملكين في صورة رجلين في يوم عبادته فطلبا أن يدخلا عليه فمنعهما الحرس فتسوروا المحراب عليه فما شعر وهو يصلي في المحراب إلا وهما جالسان بين يديه يقال إنهما جبريل وميكائيل فذلك قوله تعالى (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب) صعدوا وعلوا يقال تسورت الحائط والسور إذا علوتهما وقوله تعالى (إذ دخلوا على داود ففزع منهم) خاف منهم حين هجموا عليه في محرابه بغير إذنه فقال ما أدخلكما علي؟ (قالوا لا تخف خصمان - أي نحن خصمان - بغى بعضنا على بعض جئناك لتقضي بيننا فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط - أي لا تجر - وأهدنا إلى سواء الصراط) أي أرشدنا إلى طريق الصواب.