فقال داود لهما تكلما (فقال أحدهما إن هذا أخي - أي على ديني وطريقي - له تسع وتسعون نعجة - يعني امرأة واحدة والعرب تكنى بالنعجة عن المرأة - فقال اكفلتيها - يعني طلقها لأتزوجها - وعزني - أي غلبني - في الخطاب - أيفي القول -) وقيل قهرني لقوة ملكه وهذا كله تمثيل لأمر داود مع أوريا زوج المرأة التي تزوجها داود حيث كان لداود تسع وتسعون امرأة ولأوريا امرأة واحدة فضمها إلى نسائه.
قال داود (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيراً من الخلطاء - أي الشركاء - ليبغي بعضهم على بعض - أي يظلم بعضهم بعضاً - إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات - فإنهم لا يظلمون أحداً - وقليل ما هم) - أي قليل هم يعني الصالحون الذين لا يظلمون قليل.
فلما قضي بينهما داود أحدهما إلى الآخر وضحك وصعدا إلى السماء فعلم داود إن الله تعالى ابتلاه وذلك قوله تعالى (وظن داود - أي أيقن وعلم - إنما فتناه) أي ابتليناه.
عن ابن عباس وكعب ووهب قالوا جميعاً إن داود ﵇ لما دخل عليه الملكان وقضى بينهما فتحولا إلى صورتهما وعرجا إلى السماء فسمعهما وهما يقولان قد قضى الرجل على نفسه فعلم داود إنه عني بذلك فخر ساجداً إلى تماما الأربعين يوماً لا يأكل ولا يشرب وهو يبكي حتى نبت العشب حول رأسه وهو يناجي ربه ويسأله التوبة وكان من جمل دعائه في سجوده سبحان الملك الأعظم الذي يبتلي الخلق بما يشاء سبحان خالق النور إلهي خليت بيني وبين عدوي إبليس فلم أقم لفتنته إذ نزلت بي سبحان خالق النور إلهي أنت الذي خلقتني وكان في سابق علمك ما أنا إليه صائر سبحان خالق النور إلهي الويل لداود إذا كشف عنه الغطاء فيقال هذا داود الخاطئ سبحان خالق النور إلهي بأي