ومثلوا صورة المسيح ﵇ وصورة النبي ﷺ وهو بيده عصا وهو يقصد المسيح ليضربه والمسيح منهزم منه وأقاموا الشناع والغوغاء في بلادهم لذلك واشتد ملوكهم واعتدوا وجهزوا العساكر لقصد بلاد الإسلام ومحاربة الملك صلاح الدين رحمه الله تعالى
ولما استقر بيت المقدس مع المسلمين وطهره الله من المشركين سأل النصارى في الإقامة به ببذل الجزية وأن يدخلوا في الذمة فأجيبوا إلى ذلك.
ولما تسلم السلطان القدس أمر بإظهار المحراب وكان الراوية قد بنوا في جهة جداراً وتركوه هوياً وقيل اتخذوه مستراحاً وبنوا غربي القبلة داراً وسيعة وكنيسة فهدم ما قدام المحراب من الأبنية ونصب المنبر وأظهر المحراب ونقض ما أحدثوه بين السواري وفرش المسجد بالبسط وعلقت القناديل وكان يوماً مشهوداً ظهر فيه عز الإسلام وعلت كلمة الإيمان وبطلت نغمات القسس والرهبان وعلت أصوات أهل التوحيد بالقرن وخرس الناقوس وسمع الأذان وعزل الإنجيل وتول القرن وبطل ما كان بالمسجد الأقصى من الكفر والطغيان وعبد فيه الملك الديان.
وقد تقدم أن من الاتفاقات العجيبة أن محيي الدين زكي قاضي دمشق لما فتح السلطان صلاح الدين حلب في صفر سنة تسع وسبعين وخمسمائة مدحه بقصيدة منها:
وفتحكم حلباً بالسيف في صفر … مبشر بفتوح القدس في رجب
فكان كما قال وفتح القدس في رجب - كما تقدم - فقيل لمحيي الدين من أين لك هذا؟ فقال أخذته من تفسير ابن برجان في قوله تعالى؟ (ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) وكان الإمام أبو الحكم ابن برجان الأندلسي قد صنف تفسيره المذكور في سنة عشرين وخمسمائة وبيت المقدس إذ ذاك في يد الإفرنج لعنهم الله تعالى.
قال ابن خلكان في تاريخه - في ترجمة ابن الزكي - ولما وقفت أنا على