في الصلح وبذل لهم المسلمون تسليم القدس وعسقلان وطبرية واللاذقية وجبلة وجميع مما فتحه السلطان ممن الساحل ما عدا الكرك والشوبك على أن يجيبوا إلى الصلح ويسلموا دمياط للمسلمين فلم يرض الإفرنج بذلك وطلبوا ثلاثمائة ألف دينار عوضاً عن تخريب أسوار بيت المقدس وقالوا لا بد من تسليم الكرك والشوبك.
وبينما الأمر متردد في الصلح والإفرنج يمتنعون إذ عبر جماعة من عسكر المسلمين في بحر المحلة إلى الأرض التي عليها الإفرنج من بر دمياط ففتحوا فجوة عظيمة من النيل وكان ذلك في قوة زيارته والإفرنج لا خبرة لهم بأمر النيل فركب الماء تلك الأرض وصار حائلا بين الإفرنج وبين دمياط وانقطعت عنهم الميرة والمدد فهلكوا جوعاً وبعثوا يطلبون الأمان على أن ينزلوا عن جميع ما بذله المسلمون لهم ويسلموا دمياط ويعقدوا مدة الصلح وكان فيهم عد ملوك كبار نحو عشرين ملكاً.
واختلف الآراء في ذلك ثم حصل الاتفاق على إجابتهم لتضجر العسكر وطول المدة لأنهم كان لهم ثلاث سنين وأشهر في القتال فأجابهم الملك الكامل وطلب الإفرنج رهينة فبعث ابنه الملك الصالح أيوب وعمره يومئذ خمس عشرة سنة إلى الإفرنج رهينة فبعث ابنه الملك الصالح وعمره يومئذ خمس عشرة سنة إلى الإفرنج وحضر من الإفرنج رهينة ملك على وصاحب رومة الكبرى وغيرهما من الملوك وكان ذلك في سابع رجب سنة ثماني عشرة.
وجلس الملك الكامل مجلساً عظيماً ووقف بين يديه الملوك من إخوته وأهل بيته جميعهم وسلمت دمياط للمسلمين في تاسع عشر رجب وهنأت الشعراء الملك الكامل بهذا الفتح العظيم.
ثم دخل الملك الكامل إلى دمياط بمن معه وكان يوماً مشهوداً ثم توجه إلى القاهرة وانصرف الملوك إلى بلادهم.