وخاف فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن من الشجرة (إن يا موسى إني أنا الله ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فأعبدني وأقم الصلاة لذكري إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعى فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى) ثم قال (وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى) قال الله ﷿(ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى فلما رآها ولى مدبراً) ولم يعقب فسمع النداء هل يملك أحد الموت والحياة غير الله ﷿؟ فرجع موسى إلى موضعه والحية على حالها فقال الله تعالى (خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى) فأدخل يده في كمه ليأخذها فسمع النداء أرأيت لو أذنت لها أن تضربك أكان يغنيك كمك؟ فكشف يده وأدخلها في فمها فإذا هي عصا كما كانت.
قال ﷿(أضم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء) أي من غير برص آية أخرى مع العصا فعند ذلك أنس موسى وذهب عنه الخوف قال الله يا موسى أني اخترتك على الناس برسالاتي وبكلامي لأبعثك لعبد من عبيدي كفر بنعمتي وتسمى باسمي واستعبد عبيدي ولولا حلمي وكرمي لأهلكته ولكن هان علي وأنا مستغن عنه أمهله لأقيم عليه حجتي فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي.
فقال موسى (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي - يعني يعرفوا كلامي - واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري) يعني يكون عوناً لي على الرسالة قال الله تعالى (قد أوتيت سؤلك يا موسى ثم تذكر ما كان منه من قتل النفس فخافهم (فقال رب إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون) ثم قال (اذهبا - يعني هو وهارون - إلى فرعون أنه طغى *