فبلغ موسى ما صنعوا فدعاهم وقال لهم ألم أقل لكم اكتموا ما ترون فلم تقبلوا حتى هولتم عليهم وأرعبتم قلوبهم ثم دعا عليهم فمات منهم عشر وبقى رجلان يوشع وكالب فإنهما كانا كتماه.
ثم وقع الخوف في بني إسرائيل من الجبارين وقالوا يا موسى إن مملك فرعون كانت أخف علينا مما نحن فيه ودخول مدين الجبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون واختلفوا عليه وهو يقول لهم (يا قوم لا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين) فقال عند ذلك يوشع ابن نون وكالب (أدخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون) فلم يلتفت إلى قولهما (فقال موسى رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) فأوحى الله تعالى إليه يقول (فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين).
ولم يدخل الأرض المقدسة أحد ممن ولد بمصر.
وسلط الله عليهم التيهان فكان كلما حرج واحد منهم يتيه في الأرض فلا يهتدي أن يرجع حتى يموت وأما المؤمنين فلا يموتون وإن تاهوا فلم يزالوا كذلك حتى انقرض آخرهم على رأس أربعين سنة.
وسار موسى إلى باب حطة وعليه مكتوب اسم الله الأعظم واقبل المؤمنين فسجدوا عند الباب ودخل أولاد الفاسقين وهم يقولون حنطة حمراء فذلك قوله تعالى (فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون) يعني أخذهم الطاعون حتى ماتوا جميعاً ثم غلب موسى ﵇ على أهل مدين أريحا واسر من كان فيها من الجبارين وتفرقوا على البلاد حتى أهلكهم الله تعالى.
وسار موسى ﵇ ببني إسرائيل يريد مدينة بلقا فجاءها وقتل ملكها