للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهم لَا يلتفتون إِلَيْهِ فَلَمَّا رأى إِنَّهُم لَا يرجعُونَ عَمَّا هم فِيهِ فارقهم أرميا واختف حَتَّى غزاهم بخت نصر وَخرب الْقُدس كَمَا تقدم ذكره ثمَّ إِن الله تَعَالَى أوحى إِلَى الْقُدس وَهِي خراب فَقَالَ سُبْحَانَ الله أَمرنِي الله أَن أنزل هَذِه الْبَلدة وَأَخْبرنِي إِنَّه عامرها فَمَتَى يعمرها وَمَتى يُحْيِيهَا الله بعد مَوتهَا ثمَّ وضع رَأسه فَنَامَ وَمَعَهُ حِمَاره وسلة فِيهَا طَعَام وَهُوَ تين وركوة فِيهَا عصير عِنَب وَكَانَ من قصَّته مَا أخبر الله تَعَالَى بِهِ فِي مُحكم كِتَابه الْعَزِيز فِي قَوْله تعال (أَو كَالَّذي مر على قَرْيَة وَهِي خاوية عل عروشها قَالَ أَنِّي يحيي هَذِه الله بعد مَوتهَا فأماته الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه قَالَ كم لَبِثت قَالَ لَبِثت يَوْمًا أَو بعض يَوْم قَالَ بل لَبِثت مائَة عَام فَأنْظر إِلَى طَعَامك وشرابك لم يتسنه - أَي لم يتَغَيَّر - وَانْظُر إِلَيّ حِمَارك ولنجعلك آيَة للنَّاس وَانْظُر إِلَيّ الْعِظَام كَيفَ ننشرها ثمَّ نكسوها لَحْمًا فَلَمَّا تبين لَهُ قَالَ أعلم إِن الله عل كل شَيْء قدير) وَقد قيل إِن صَاحب الْقِصَّة هُوَ العزير وَالأَصَح إِنَّه أرميا وَقد أهلك الله بخت نصر ببعوضة دخلت دماغه ونج الله من بق من بني إِسْرَائِيل وَلم يمت بِبَابِل وردهم جَمِيعًا إِلَى بَيت الْمُقَدّس ونواحيه قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيره وَعمر الله أرميا فَهُوَ الَّذِي يرى فِي الفلوات فَذَلِك قَوْله تَعَالَى (فأماته الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه) أَي احياه وَبَعثه الله عل السن الَّذِي توفاه عَلَيْهِ مائَة سنة وَهُوَ أَرْبَعُونَ سنة ولابنه عشر وَمِائَة سنة وَلابْن ابْنه تسعون سنة وَأنْشد ذَلِك

(وأسود رَأس شَاب من قبل ابْنه ... وَمن قيله ابْن ابْنه فَهُوَ أكبر)

(ترى ابْن ابْنه شَيخا يَجِيء عل عَصا ... ولحيته سَوْدَاء وَالرَّأْس أشقر)

(وَمَا لِابْنِهِ حيل وَلَا فضل قُوَّة ... يقوم كَمَا يمشي الصَّبِي فيعثر)

(يعد ابْنه فِي النَّاس تسعين حجَّة ... وَعشْرين لَا يخوى وَلَا يتعجر)

<<  <  ج: ص:  >  >>