وبقى الحال على ذلك حتى قدم عمر بن الخطاب ﵁ وفتح بيت المقدس الشريف على ما سنذكره عند ذكر الفتح العمري إن شاء الله تعالى.
قال المشرف عن كعب قال كانت قبة صخرة بيت المقدس طولها في السماء اثني عشر ميلاً وكان أهل أريحا وعمواس يستظلون بظلها وكان غليها ياقوتة تضئ بالليل كضوء الشمس فإذا كان النهار طمس الله ضوءها فلم تزل كذلك حتى أتت الروم فغلبوا عليها.
فلما صارت في أيديهم قالوا تعالوا نبن عليها أفضل من البناء الذي كان عليها فبنوا عليها على قدر طولها في السماء وزخرفوه بالذهب والفضة فلما فرغوا من البناء دخله سبعون ألفاً من رهبانهم وشمامستهم في أيديهم مجامر الذهب والفضة وأشركوا فيها فانقلبت عليهم فما خرج منهم أحد.
فلما رأى ملك الروم ذلك جمع البطارقة والشمامسة ورؤساء الروم فقال لهم ما ترون؟ قالوا نرى أنا نرض إلهنا فلذلك لم يقبل بناءه.
قال فأمر به الثانية فبنوها وأضعفوا فيها النفقة ودخلوها سبعين ألفاً مثل ما دخلوا أول مرة ففعلوا كفعلهم فلما أشركوا انقلبت عليهم ولم يكن الملك معهم.
فلما رأى ذلك جمعهم ثالثة وقال لهم ما ترون؟ قالوا لم نرض ربنا كما ينبغي فلذلك خربت ونحب أن تبنى ثالثة.
فبنوا الثالثة حتى إذا رأوا إنهم قد أتقنوها وفرغوا منها جمع النصارى وقال هل ترون من العيب شيئاً؟ قالوا لا فكللها بصليب الذهب والفضة ثم دخلها قوم بعد أن اغتسلوا وتطيبوا فلما دخلوا أشركوا كما أشرك أصحابهم فخرت عليهم الثالثة فجمعهم ملكهم رابعة واستشارهم وكثر خوضهم في ذلك.
فبينما هم على ذلك إذا أقبل عليهم شيخ كبير عليه سود وعمامة سوداء قد انحنى ظهره يتوكأ على عصا وقال يا معشر النصارى إلي فإني أكبركم سناً