للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما مروز ومعناه حساب الشهور والأيام فعربوا الكلمة فقالوا مؤرخ ثم جعلوا اسمه التاريخ واستعملوه ثم طلبوه يجعلونه أولاً لتاريخ دولة الاسلام واتفقوا علي أن يكون المبدأ سنة هذه الهجرة فكانت هذه الهجرة من مكة إلى المدينة شرفها الله تعالى وقد تصرم من شهور هذه السنة وأيامها المحرم وصفر وثمانية أيم من ربيع الأول.

فلما عزموا على تأسيس الهجرة رجعوا القهقري ثمانية وستين يوماً وجعلوا مبدأ التاريخ أول المحرم من هذه السنة ثم أحصوا من أول يوم المحرم إلي أخر يوم من عمر النبي فكان سنين وشهرين وأياماً وإذا حسب عمره من الهجرة فيكون قد عاش بعدها تسع سنين واحد عشر شهراً واثنين وعشرين يومًا.

وأما التواريخ القديم فكانت الأمم السالفة تؤرخ بالأحداث العظام وتملك الملوك فأرخوا بهبوط آدم ثم بعث نوح ثم بالطوفان وأرخ بنو إسحاق بنار إبراهيم إلى يوسف ومن يوسف إلى مبعث موسى إلى ملك سليمان بن داود ثم بما كان من الكوائن ومنهم من أرخ بوفاة يعقوب ثم بخروج موسى من مصر ببني إسرائيل ثم بخراب بيت المقدس وأما بنو إسماعيل فأرخوا ببناء الكعبة ولم يزالوا يؤرخون بذلك حتى تفرقوا وكان كل من خرج منهم من تهامة يؤرخ بخروجه ثم أرخوا بعام الفيل ثم أرخوا بأيام الحروب.

وكانت حمير يؤرخون بملوكهم التبابعة وأما اليونان والروم فأرخوا بظهور الإسكندر وأما النبط فكانوا يؤرخون بملك بخت نصر وأما المجوس فكانوا يؤرخون بقتل دارا وظهور الإسكندر ثم بظهور اردشير ثم بملك يزدجرد.

وولد سيدنا محمد والعرب تؤرخ بعام الفيل.

ولم يزل التاريخ كذلك إلى أن ولي عمر بن الخطاب الخلافة فقرر الأمر أن يؤرخوا بهجرة النبي من مكة إلى المدينة فجعلوا التاريخ من المحرم أول عام الهجرة.