ألفاً وتوالدوا حتى بلغوا عدد الرمل فتزوج إبليس امرأة من ولد الجان فكثر أولاده وانتشروا حتى امتلأت الأقطار منهم ثم أسكن الله الجان في الهواء وإبليس وأولاده في سماء الدنيا وأمرهم بالعباد والطاعة فكانت السماء تفتخر على الأرض بأن الله رفعها وجعل فيها ما لم يكن في الأرض.
فشكت الأرض إلى خالقها الوحشة إذ ليس على ظهرها خلق يذكرون الله فنوديت الأرض اسكني فإني خالق من أديمك صورة لا مثل لها في الجن وأرزقها العقل واللسان وأعلمها من علمي وأنزل عليها من كلامي فأملأ منها بطنك وظهرك وشرقك وغربك على مزاج ترتبك في الألوان والخيرية والشرية فافتخري يا أرض على السماء بذلك فاستقرت الأرض وهي مع ذلك بيضاء نقية كأنها الفضة البيضاء فأشرفت الجان على الأرض وقالت ربنا أهبطنا إلى الأرض فأذن الله لهم بذلك على أن يعبدون ولا يعصوه فأعطوه العهود على ذلك ونزلوا وهم ألوف فعبدوا الله حق عبادته دهراً طويلاً.
ثم أخذوا في المعاصي وسفك الدماء حتى استغاثت الأرض منهم وقالت إن خلوي يا رب أحب إلي من أن يكون على ظهري من يعصيك فأوحى الله إليها أن اسكني فإني باعث إليهم رسلي.
قال كعب الأحبار فأول نبي بعثه الله من الجان نبياً منهم يقال له عامر بن عمير بن الجان فقتلوه ثم بعث لهم من بعد عامر صاعق بن ماعق بن مارد بن الجان فقتلوه حتى بعث الله إليهم ثمانمائة نبي في ثمانمائة سنة في كل سنة نبياً وهم يقتلونهم فلما كذبوا الرسل أوحى الله إلى أولاد الجن في السماء أن أنزلوا إلى الأرض وقاتلوا من فيها من أولاد الجان وعليهم إبليس اللعين فقاتلهم إبليس اللعين هو ومن كان معه حتى أدخلهم إلى بقعة من الأرض فاجتمعوا فيها فأرسل الله عليهم ناراً فأحرقهم وسكن إبليس الأرض مع الجن وعبد الله حق عبادته فكانت عبادته أكثر من عباداتهم كلهم ثم رفعه الله تعالى إلى سماء الدنيا لكثرة عبادته فعبد الله فيها ألف سنة حتى سمي فيها