قفلوها ووضعوا فيهم السيوف فأبادوهم قتلا وممن قتل مقدم عسكرهم وتبعهم المسلمون حتى كلت سيوفهم وقتل من الإفرنج خمسة لاف فارس وقتل مقدم الراوية.
وحكي عنه أنه قال عرضنا في مائة ألف وعشرة لاف ومن العجب أن الذين ثبتوا من المسلمين لم يبلغوا ألفاً فردوا مائة ألف فكان الواحد من المسلمين يقتل من الكفار ثلاثين وأربعين.
وأرسل السلطان بهذه النصرة البشائر إلى دمشق وعاد السلطان إلى مكانه وعزم على إنه يصالح العدو وتفقد العسكر فإذا هو قد غاب وذلك أن بعض الغلمان والأوباش لما وقعت الوقع ظنوا أن عسكر الإسلام انهزم فنهبوا الأثقال وانهزموا وانهزم جماعة من الجند فمضى العسكر وراء الغلمان فتأخر من أجل ذلك العزم على المسير وانتعش الإفرنج لذلك.
وكثرت جيف الإفرنج المقتولين فشك المسلمون نتن رائحتها فرسم السلطان بحملها على العجل ورميها في النهر فحمل أكثر من خمسة آلاف جثة.
ثم في يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان حضرا أكابر الأمراء عند السلطان ودار الكلام بينهم في المشورة فأشاروا بالانصراف لهجوم البرد والشتاء وإن أبدانهم وخيولهم قد ضعفت وإن السلطان يراسل البلاد ويجمع الجموع ثم يحضر للجهاد في سبيل الله تعالى هذا والسلطان متكره من هذه المقالات وليس عنده ملل وفي كل يوم على العسكر ويقوي عزمهم.
فانتقل ليلة الثلاثاء رابع شهر رمضان إلى الخروبة عند الأثقال وأمر من بعكا بغلق الباب وشرع الإفرنج في حفر خندق على معسكرهم حوالي عكا من البحر إلى البحر وتحصنوا وتستروا وأقام السلطان بالخيم وهو متوعك فمن الله تعالى عليه بالعافية وصرف الأجناد الغرباء ليرجعوا في الربيع وأقام بمماليكه فما مضى يوم إلا وفيه وقعة والمماليك ظافرون بالإفرنج.