للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البلاء زحف بعسكره ودهم الإفرنج ونهب من خيامهم وأمس تلك الليلة ثم أمر بدق الكؤوس سحراً حتى ركب العسكر فجر ذلك اليوم من القتال أشد ما كان من أمس ووصل إلى السلطان مطلعة من البلد إنهم عجزوا ولم يبق إلا تسليم البلد فمعظم الأمر على السلطان وفي هذا اليوم بعث العساكر وزحف إلى خنادقهم وخالطوهم وحصل بينهم قتال شديد.

ولما تكاثر الإفرنج على عكا وقل المسلمون لكثرة من استشهد خرج سيف الدين على المشطوب غل ملك الافرنسيس بأمان وقال له قد علمتم ما عاملنا كم به عند أخذ بلادكم من الأمان لأهلها ونحن نسلم إليك البلد على أن تعطينا الأمان ونسلم فقال إن أولئك الملوك كانوا عبيدي وأنتم مماليكي أفعل بكم ما يقتضيه رأيي فقام المشطوب من عنده مغتاضاً وأغلظ له في القول وقال نحن لا نسلم البلد حتى نقتل بأجمعنا ونقتلكم قبلنا ولا يقتل منا واحد حتى يقتل خمسين.

ولما رجع المشطوب وعلم حاله هرب جماع من الأمراء والأجناد ممن بالبلد وغضب عليهم السلطان وأخرج إقطاعتهم ثم رجع بعضهم إلى البلد فحصل له الرضا ووقع في بعضهم شفاعة واستمروا على المقت عند السلطان.

وفي يوم الخميس حصلت وقعة عظيمة واشتد فيها الحرب وأصبح العسكر يوم الجمعة عاشر الشهر على أهبة القتال فلم يحصل شيء واقتضى النهار والعسكر محيط بالعدو والعدو محيط بالبلد.

وأصبح يوم السبت والإفرنج قد ركبوا وخرج منهم أربعون فارساً واستدعوا ببعض المماليك الناصرية فلما وصل إليهم أخبروه أن الخارج صاحب صيدا في أصحابه وهو يستدعي نجيب الدين أحد أمناء السلطان لأنه كان يتردد في الرسالات للإفرنج فلما حضر أرسله إلى السلطان ليتحدث في خروج من بعكا بأنفسهم بحكم الأمان وطلبوا في مقابلة ذلك أشياء لا يمكن وقوعها وتعنتوا في الاشتراط فتردد من عند السلطان نجيب الدين مراراً.