خمس وأربعين فتحت قلعة عسقلان وقلعة طبرية والملك الصالح أيوب بالشام بعد محاصرتها مدة واستولى الصالح أيوب على الكرك في سنة سبع وأربعين قبل فاته بيسير وهذا الفتح الواقع في سنة اثنتين وأربعين وستمائة لبيت المقدس هو آخر فتوحاته فإنه استمر بأيدي المسلمين إلى عصرنا والمرجو من كرم الله تعالى استمراره كذلك إلى يوم القيامة بحول الله وقوته.
وتوفي الملك الصالح نجم الدين أيوب ليلة الأحد لأربع عشرة ليلة مضت من شعبان سنة سبع وأربعين وستمائة وكانت مدة ملكة تسع سنين وثمانية أشهر وعشرين يوما وعمره نحو أربع وأربعين سنة وكان مهيبا عالي الهمة عفيفا طاهر اللسان شديد الوقار ولو لم يكن من علو همته إلا مبادرته لاستنقاذ البيت المقدس من أيدي الكفار في أسرع وقت لكفى ﵀ وعفا عنه وعوضه الجنة وتسلطن بعده ولده الملك المعظم توران شاه وكان الإفرنج قد استولوا على دمياط قبل وفاة الملك الصالح في سنة سبع أربعين ووقع بين المسلمين والإفرنج بأرض دمياط وقعات وأرسلوا يطلبون القدس وبعض السواحل وأن يسلموا دمياط إلى المسلمين فلم تقع الإجابة بذلك وفتح الله دمياط بعد ذلك في المحرم سنة ثمان وأربعين وستمائة وقتل المعظم توران شاه عقب ذلك في آخر المحرم.
وأما الصالح إسماعيل فإنه بعد انتزاع دمشق منه انتمى إلى الملك الناصر يوسف صاحب حلب واستمر عنده إلى أن ملك دمشق بعد الصالح أيوب وتوجه معه حين مسيره إلى القاهرة في سنة ثمان وأربعين وستمائة.
ولما قصد أخذ الديار المصرية من صاحبها الملك الأشرف موسى بن يوسف صاحب اليمن المعروف باقسيس ابن الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر ابن أيوب فانكسر الناصر يوسف وانهزم وقبض على الصالح إسماعيل واعتقله بقلعة الجبل بالديار المصرية ثم قتل في ليلة الأحد السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وستمائة بالقاهرة وعمره قريب من خمسين سنة.