الخليفة المستعصم من حاسب الناصر داود على ما وصله في تردده إلى بغداد من المضيف مثل اللحم والخبز والحطب والعليق والتبن وغير ذلك وثمن عليه بأغلى الأثمان وارسل إليه شيئا نزرا وألزمه أن يكتب خطه بقبض وديعته وأنه ما بقي ستحق عند الخليفة شيئا.
فكتب خطه بذلك كرها وسار عن بغداد وأقام مع العرب.
ثم أرسل إليه الناصر يوسف صاحب دمشق فطيب قلبه وحلف له فقدم إلى دمشق وأقام بالصالحية.
وكانت وفاة الناصر داود في ليلة السبت السادس والعشرين من جمادي الأولى سنة ست وخمسين وستمائة بالطاعون بظاهر دمشق في قرية يقال لها البويضا ومولده سنة ثلاث وستمائة وكان عمره نحو ثلاث وخمسين سنة ومات بعد محن كثيرة حصلت له ودفن بالصالحية في تربة والده المعظم عيسى.
وفي هذه السنة وهي سنة ست وخمسين وستمائة استولى التتر على بغداد وخربوها وقتلوا الخليفة المستعصم بالله أبا احمد عبد الله بن المستنصر بالله وهو آخر خلفاء بغداد وبقتله انقرضت دولة بني العباس.
ثم في سنة تسع وخمسين وستمائة قتل الملك الناصر يوسف ابن الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب دمشق وحلب في بلاد تبريز من ملك العجم فإنه لما ورد عسكر التتر إلى جهة دمشق خرج لقصده فاسر وجهز إلى هولاكو ملك التتر فقتله هو ومن معه وعقد عزاه في جامع دمشق في سابع جمادي الأولى سنة تسع وخمسين وستمائة
وقد انتهى ذكر ما وقع في بيت المقدس من الفتوحات على أيدي ملوك الاسلام وما ذكرته في ذلك من تواريخ لا تتعلق بالفتح فلا بد فيها من شيء متعلق بالحال ولا يخلو من فائدة لمن تأمله.
ولنرجع إلى ذكر ما يتعلق بالمسجد الأقصى فأقول - والله الموفق للصواب -: