للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صورة وأجمل وجه من بني آدم فآنسها وسكن روعها وبشرها بولد يكون له شأن عظيم وهو خليل رب العالمين فلما ثقل عليها الحال قال لها انهضي معي فقامت معه وتبعته فتوجه بها حتى أدخلها غاراً هناك معمي عن الخلق فلما دخلت الغار وجدت فيه جميع ما تحتاجه وخفف الله تعالى عنها الطلق فوضعت إبراهيم الخليل عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ليلة الجمعة وكانت ليلة عاشوراء.

وكان مولده لمضي ألف وإحدى وثمانين سنة من الطوفان وكان الطوفان بعد هبوط آدم بألفين ومائتين واثنين وأربعين سنة وبين مولد إبراهيم الخليل والهجرة الشريفة النبوية ألفان وثمانمائة وثلاث وتسعون سنة على اختيار المؤرخين وقد مضى من الهجرة الشريفة إلى عامنا هذا تسعمائة سنة كاملة فيكون الماضي من مولد سيدنا إبراهيم الخليل إلى آخر تسعمائة من الهجرة الشريفة ثلاثة آلاف وسبعمائة وثلاث وتسعون سنة والاختلاف في ذلك كثير.

فلما سقط إلى الأرض نزل جبريل وقطع سرته وأذن في أذنه وكساه ثوباً أبيض ثم عاد بأمه الملك إلى مكانها وتركت ولدها في الغار.

ولما طالت غيبة نمروذ عن أرضه وبلاده عاد إلى تدبير ما كان قد أهمه فبينما هو جالس ذات يوم على سريره وإذا هو بالسرير قد انتفض من تحته انتفاضاً شديداً فسمع نمروذ هاتفاً يقول تعس من كفر بآله إبراهيم فقال لآزر هل سمعت ما سمعت؟ قال نعم قال فمن هو إبراهيم؟ قال آزر إني لا أعرفه فأرسل للسحرة والكهنة يدلوك عليه فأرسل نمروذ خلف السحرة والكهنة وسألهم عن ذلك فلم يخبروه بشيء مع علمهم به وكان ذلك في يوم ولادته ثم توالت على نمروذ الهواتف حتى نطقت الوحوش والطيور بمثل ذلك فكان نمروذ لا يمر بمكان إلا ويسمع قائلاً يقول تعس من كفر بآله إبراهيم فازداد همه ورأى رؤيا هائلة في منامه وذلك إنه رأى القمر قد طلع من ضلع آزر وبقى نوره كالعمود الممدود بين السماء والأرض وسمع قائلاً يقول قد جاء الحق وزهق الباطل فنظر إلى الأصنام فوجدها كلها منكسة