بالقدس الشريف في خامس عشر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثمانمائة في سلطنة الناصر فرج بن برقوق وعزل نفسه مرارا ثم يسال ويعاد ثم بعد وفاة القاضي ناصر الدين البصروي ولي القضاء بالقدس الشريفة في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة فباشر بعفة ونزاهة وصيانة وديانة إلى أن عزل بابن السابح في سنة أربع وأربعين وثمانمائة ثم ولي تدريس الصلاحية في سنة خمسين وثمانمائة بعد وفاة الشيخ عز الدين المقدسي وكان تقدم له تفويض من والده ليلة وفاته بالقاهرة االمحروسة وهو صغير في سنة خمس وتسعين وسبعمائة وكتب له إشهاد بذلك ثم فوض إليه البرماوي في سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة - كما تقدم في ترجمته - فلم يتم له ذلك إلا في سنة خمسين وثمانمائة فباشر على أحسن الوجوه وحمدت سيرته.
واتفق ان بعض الحسدة أغرى الشيخ سراج الدين الحمصي على السعي عليه فبذل مالا لبعض مباشري السلطان وطلب الشيخ جمال الدين إلى مصر وعقد له مجلس للمناظرة بينه وبين الحمصي فغيب الحمصي واستمر الشيخ جمال الدين في المشيخة وأكرمه الظاهر جقمق وعاد إلى القدس معاملا بالجميل ثم سعى الحمصي في المشيخة فأعطيها وباشر مدة يسيرة ثم عزل وأعيد الشيخ جمال الدين واستمر بها إلى أن توفي وكان عنده ورع وظهرت له كرامات وكان مجاب الدعوة.
توفي بمدينة الرملة ضحى نهار الجمعة حادي عشر ذي القعدة سنة خمس وستين وثمانمائة ونقل إلى القدس الشريف في نهار السبت وصلي عليه بالمسجد الأقصى الشريف ودفن بتربة ما ملا بجوار أبي عبد الله القرشي والشيخ شهاب الدين أرسلان وكان له مشهد عظيم حضر جنازته شخص من أولياء الله تعالى وتألم عليه ﵀.
ولما ولي الخطابة عوضا عن الحموي بعد عزله مدحه العلامة زين الدين عبد الرحمن القرقشندي فقال:
وخطابة الأقصى محاسنها بدت … لما أتاها ذو الجمال الباهي