وانطلق إبراهيم ﵇ حتى إذا كان عند الثنية حيث أنهما لا يرونه استقبل القبلة بوجهه ودعا بهذه الدعوات ورفع يديه (فقال رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون).
وأما أم إسماعيل فجعلت ترضع إسماعيل ﵇ وتشرب من ذلك الماء حتى نفد ما في السقاء فعطشت وعطش ولدها فجعلت تنظر إليه وهو يتلوى من شدة العطش فانطلقت كراهة ان تنظر إليه وهو على تلك الحالة فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض إليها فقالت عليه ثم استقبلت الوادي وجعلت تنظر إليه لعلها تنظر أحداً فلم تنظر أحداً فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سمعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي وهي تنظر لخالقها ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحداً فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبع مرات.
قال ابن عباس ﵄ قال النبي ﷺ فذلك سعي الناس بينهما.
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت مه - تريد نفسها - ثم تسمعت فسمعت الصوت ثانياً فقالت قد سمعت إن كان عندك غوث فأغث فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تحوطه وتقول بيديها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهي تقول بعدما تغرف زم زم قال ابن عباس قال النبي ﷺ رحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكان زمزم عيناً معيناً.
قال فشربت وأرضعت ابنها فقال لها الملك لا تخافي الضيعة فان هاهنا بيت الله الحرام وسيبنيه هذا الغلام وأبوه وان الله لا يضيع أهله وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله.
ثم نزل هناك أبيات من جرهم وشب إسماعيل ﵇ وتعلم العربية