وكان حسن السيرة عفيفا في مباشرة القضاء مهيبا عند الناس وكان حسن الشكل منور الشيبة عليه الأبهة والوقار ونورانية العلم والتقوى وعمر ورزق الأولاد والحق الأحفاد بالأجداد ومتع بدنياه ثم عزل عن قضاء نابلس في أواخر عمره فلم يلتفت إليه بعد ذلك واستمر إلى أن توفي بنابلس في يوم الخميس سادس عشر شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وثمانمائة وله نحو تسعين سنة.
وكان له عدة أولاد أمثلهم قاضي القضاة كمال الدين أبو الفضل محمد ولد سنة نيف وثلاثين وثمانمائة دأب وحصل وسافر إلى البلاد واشتغل بالعلم وأخذ عن المشايخ وفضل وبرع في المذهب وأذن له الشيخ علاء الدين المرداوي عالم الحنابلة في وقته ومصحح مذهب الإمام احمد ومنقحه بالافتاء والتدريس في سنة إحدى وخمسين وثمانمائة ثم أذن له الشيخ تقي الدين بن قندس أيضا فتميز وصار من أعيان الحنابلة وأفتى وناظر وكان عنده معرفة بطرق الأحكام.
وباشر القضاء نيابة عن والده بنابلس ثم باشر نيابة الحكم بالديار المصرية عن قاضي القضاة عز الدين الكناني ثم ولي قضا القدس والرملة في شهر جمادي الأولى سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة عوضا عن القاضي شمس الدين العليمي - المتقدم ذكره - ثم أضيف إليه بعد وفاته قضاء الرملة ثم قضاء نابلس وعزل عن القضاء في شهر شعبان سنة ثمان وسبعين واستمر سنة كاملة وأعيد في سنة تسع وسبعين.
ثم عزل في جمادي الآخرة سنة اثنتين وثمانين وتوجه إلى دمشق فأقام بها نحو ثلاث سنين ثم توجه إلى ثغر دمياط وباشر به نيابة الحكم ثم سافر من دمياط وانقطع خبره ولم يعلم مقره ثم ورد إلى القاهرة خبر وفاته بمدينة الإسكندرية في شهر وسنة تسع وثمانين وثمانمائة ولم تعلم حقيقة الحال في وفاته.