وماذا عليهم لو أقاموا فسلموا ... وقد علموا أني مشوق متيّم
سروا ونجوم الليل زهر طوالع ... على أنهم في الليل للناس أنجم
وأخفوا على تلك المطايا مسيرهم ... فنمّ عليهم في الظلام التبسم
وقال:
وإذا الدرّ زان حسن وجوه ... كان للدرّ حسن وجهك زينا
وتزيدين أطيب الطيب طيبا ... إن تمسيه أين مثلك أينا
وحدث أبو عبد الله نفطويه قال [١] : كنت بالكوفة ملازما للشريف أبي علي عمر بن محمد بن عمر فقدم علينا فتى من أهل الحجاز أديب ظريف، وقصد أبا علي وتردد إليه ونادمه، وكان يقول شعرا مطبوعا فخاطبته في معناه وقلت له: هذا فتى غريب وقد دخل دارك وتحرّم بطعامك، فبرّه وتفقده فقال: ما مدحني، فقلت: ليس الرجل منتدبا لهذا، وإنما يقول الشعر تأدّبا لا تكسبا ولعلك إذا أحسنت إليه أن يقول؛ فأعرض عني، ونقل المجلس إلى الرجل فحضرني واستخبرني عما جرى فذكرته له وجمّلت الحال. فقال: قد بلغني الحال على وجهه، والله يحسن جزاءك، وأنشدني:
عثمان يعلم أن الحمد ذو ثمن ... لكنه يشتهي حمدا بمجّان
والناس أكيس من أن يحمدوا رجلا ... حتى يروا عنده آثار إحسان
وانصرف من الكوفة وكان آخر عهدي به.
[١] هذه الحكاية من المختصر، ولا أدري لم أوردها في ترجمة ابن بطويه إلا أن تكون مما رواه ابن بطويه؛ أو كتب نفطويه بدلا من بطويه سهوا. وصاحب المختصر يحذف السند في كثير من الأحيان.