لقد بلغ العدوّ بنا مناه ... وحلّ بآدم وبنا الصغار
وتهنا ضائعين كقوم موسى ... ولا عجل أضلّ ولا خوار
فيا لك أكلة ما زال منها ... علينا نقمة وعليه عار
نعاقب في الظهور وما ولدنا ... ويذبح في حشا الأمّ الحوار
وننتظر البلايا والرزايا ... وبعد فللوعيد لنا انتظار
ونخرج كارهين كما دخلنا ... خروج الضبّ أخرجه الوجار
فماذا الإمتنان على وجود ... لغير الموجدين به الخيار
وكان وجودنا خيرا لو انا [١] ... نخيّر قبله أو نستشار
أهذا الداء ليس له دواء ... وهذا الكسر ليس له انجبار
تحيّر فيه كلّ دقيق فهم ... وليس لعمق جرحهم انسبار
إذا التكوير غال الشمس عنّا ... وغال كواكب الأفق انتثار
وبدّلنا بهذي الأرض أرضا ... وطوّح بالسموات انفطار
وأذهلت المراضع عن بنيها ... لدهشتها وعطّلت العشار
وغشّى البدر من فرق وذعر ... خسوف ليس يجلى أو سرار
وسيّرت الجبال فكنّ كثبا ... مهيلات وسجّرت البحار
فأين ثبات ذي الألباب منا ... وأين مع الرجوم لنا اصطبار
وأين عقول ذي الأفهام مما ... يراد بنا وأين الإعتبار
وأين يغيب لبّ كان فينا ... ضياؤك من سناه مستعار
ولا أرض عصته ولا سماء ... ففيم يغول أنجمها انكدار
وقد وافته طائعة وكانت ... دخانا ما لقاتره شرار
قضاها سبعة والأرض مهدا ... دحاها فهي للأموات دار
فما لسموّ ما أعلى انتهاء ... وما لعلوّ ما أرسى قرار
[١] عيون: وكانت أنعما لو أن كونا.