للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم نفضه نفضة فقضقض متنيه وجعل يلغ في دمه [١] ، فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا، فهجهجنا به، فكرّ مقشعرا بزبرته كأن به شيهما حوليا فاختلج رجلا أعجز ذا حوايا فنفضه نفضة تزايلت بها مفاصله [٢] ، ثم همهم ففرفر وزفر فبربر، ثم زأر فجرجر، ثم لحظ فأشزر [٣] ، فو الله لخلت البرق يتطاير من تحت جفونه، من عن شماله ويمينه، فأرعشت الأيدي واصطكت الأرجل، وأطّت الأضلاع وارتجت الأسماع، وشخصت العيون وتحققت الظنون وانخزلت المتون [٤] . فقال له عثمان اسكت قطع الله لسانك فقد أرعبت قلوب المسلمين.

وقال يصف الأسد [٥] :

فباتوا يدلجون وباب يسري ... بصير بالدجى هاد هموس [٦]

إلى أن عرّسوا وأغبّ عنهم ... قريبا ما يحسّ له حسيس [٧]

خلا أنّ العتاق من المطايا ... حسسن به فهنّ لذا شموس [٨]

فلما أن رآهم قد تدانوا ... أتاهم وسط رحلهم يميس

فثار الزاجرون فزاد قربا ... إليهم ثم واجهه ضبيس [٩]

بنصل السيف ليس له مجنّ ... فصدّ ولم يصادفه جبيس [١٠]

فيضرب بالشمال إلى حشاه ... وقد نادى فأخلفه الأنيس


[١] وقصه: دق عنقه؛ قضقض: كسر؛ ولغ: أخذ الدم بلسانه.
[٢] ذمر: شجع وحض؛ بعد لأي: بعد جهد. استقدموا: أقدموا، الهجهجة: زجر السبع؛ الزبرة:
شعر مجتمع على كاهل الأسد، اقشعرت: انتفشت؛ الشيهم (في م: شحما) القنقذ؛ الحولي:
أتى عليه حول كامل؛ اختلج: انتزع؛ أعجز: ضخم البطن، الحوايا: الأمعاء.
[٣] الطبقات، ثم نهم فقرمز؛ والنهيم أشد من الزئير؛ فرفر: صاح؛ جرجر: ردد الصوت في حنجرته؛
[٤] م: فظنت المنون.
[٥] شعر أبي زبيد: ٩٤- ٩٩ (وفيه تخريج كثير) .
[٦] هموس: يمشي مشيا خفيا.
[٧] عرسوا: نزلوا آخر الليل للراحة؛ أغب عنهم: تأخر؛ الحسيس: الحسّ أو الصوت الخفي.
[٨] الطبقات: فهن إليه شوس؛ أي أمالت أعناقها وهي تنظر إليه؛ شموس: قد حرنت.
[٩] ضبيس: شرس صعب المراس.
[١٠] الجبيس: الجبان الضعيف (وفي م: جسيس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>