للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان رآها إلا دهماء ولكنّه نسي، فأمر عبد الملك أن يحمل إليه كلّ ما ذكره في شعره.

ودخل [١] ابن عبدل على محمد بن حسان بن سعد وكان على خراج الكوفة، فكلمه في رجل من العرب أن يضع عنه ثلاثين درهما من خراجه، فقال محمد بن حسان: أماتني الله إن كنت أقدر أن أضع من خراج أمير المؤمنين شيئا، فانصرف ابن عبدل وهو يقول:

دع الثلاثين لا تعرض لصاحبها ... لا بارك الله في تلك الثلاثينا

لما علا صوته في الدار مبتكرا ... كأشتفان [٢] يرى قوما يدوسونا

أحسن فانك قد أعطيت مملكة ... إمارة صرت فيها اليوم مفتونا

لا يعطك الله خيرا مثلها أبدا ... أقسمت بالله إلا قلت آمينا

فلم يضع من خراج الرجل شيئا فقال ابن عبدل فيه:

رأيت محمدا شرها ظلوما ... وكنت أراه ذا ورع وقصد

يقول أماتني ربّي خداعا ... أمات الله حسان بن سعد

ركبت إليه في رجل أتاني ... كريم يبتغي المعروف عندي

فقلت له وبعض القول نصح ... ومنه ما أسرّ له وأبدي

توقّ كرائم البكريّ إني ... أخاف عليك عاقبة التعدّي

فما صادفت في قحطان مثلي ... ولا صادفت مثلك في معدّ

أقلّ براعة وأشدّ بخلا ... وألأم عند مسألة وحمد

فقدت محمدا ودخان فيه ... كريح الجعر فوق عطين جلد [٣]

فأقسم غير مستثن يمينا ... أبا بخر لتتّخمنّ ردّي

فلو كنت المهذب من تميم ... لخفت ملامتي ورجوت حمدي


[١] الأغاني ٢: ٣٦٧- ٣٦٨.
[٢] اشتفان: (بهامش م) كلمة يونانية وفارسية معناها: تاج.
[٣] الجعر: بخر ذوات المخالب؛ العطين: المنتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>