للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ابن عبدل يأتي ابن بشر بن مروان بالكوفة فيسأله، فيقول له: أخمسمائة أحبّ إليك العام أم ألف في قابل؟ فيقول: ألف في قابل، فإذا أتاه من قابل قال له:

ألف أحبّ إليك العام أم الفان في قابل؟ فيقول: ألفان فلم يزل كذلك حتى مات ابن بشر ولم يعطه شيئا.

فدخل ابن عبدل على عبد الملك بن مروان [١] بعد ما جرى مع المرأة فقال له عبد الملك: ما أحدثت بعدي؟ قال: خطبت امرأة من قومي فردّت عليّ بيتي شعر، قال: وما هما؟ قال قالت: سيخطيك الذي حاولت مني ... البيتان، فضحك عبد الملك وقال له: لحاك الله أذكرت [٢] بنفسك وأمر له بألفي درهم.

وعن ابن الكلبي [٣] قال كان الحكم بن عبدل منقطعا إلى بشر بن مروان، وكان يأنس به ويقربه، وأخرجه معه إلى البصرة لما وليها، فرأى منه الحكم جفاء لشغل عرض له فانقطع عنه شهرا ثم أتاه، فلما دخل عليه قال له بشر: يا ابن عبدل ما لك انقطعت عنا وقد كنت لنا زوارا؟ فقال ابن عبدل:

كنت أثني عليك خيرا فلما ... أضمر القلب من نوالك ياسا

كنت ذا منصب قنيت حيائي ... لم أقل غير أن هجرتك باسا

لم أطق ما أردت بي يا ابن مروا ... ن ستلقى إذا أردت أناسا

يقبلون الخسيس منك ويثنو ... ن ثناء مدخمسا دخماسا [٤]

فقال له: لا نسومك الخسيس ولا نريد منك ثناء مدخمسا، ووصله وكساه.

ولما مات بشر جزع عليه ابن عبدل فقال يرثيه [٥] :

أصبحت جمّ بلابل الصدر ... متعجبا لتصرّف الدهر

ما زلت أطلب في البلاد فتى ... ليكون لي ذخرا من الذخر


[١] الأغاني: عبد الملك بن بشر (بن مروان) .
[٢] الأغاني: لجاد ما أذكرت.
[٣] الأغاني ٢: ٣٧١.
[٤] مدخمس: غير جاد.
[٥] الأغاني ٢: ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>