ألف. فقال: بأبي أنت وأمي. فقال يزيد: ولهذه ألف ألف. قال: أما إني لا أقولها لأحد من بعدك. قال: ولهذه ألف ألف. قال: ما يمنعني من الإطناب في وصفك [إلا] الإشفاق عليك من جودك. فقال: ولهذه ألف ألف. وحمل المال معه، فقيل ليزيد: فرّغت بيت مال المسلمين على رجل واحد. فقال: إنما دفعته إلى أهل المدينة أجمعين. ثم وكّل به من يعرّفه خبره من حيث لا يعلم، فلما دخل المدينة فرّق المال فيها، فاحتاج بعد شهر إلى القرض فلامه الناس، فقال:
لا تبخلنّ بدنيا وهي مقبلة ... فليس ينقصها التبذير والسّرف
فإن تولّت فأحرى أن تجود بها ... فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف
قال المؤلف: ما سمعت أن أحدا نسب إلى عبد الله بن جعفر شعرا غير خلاد هذا فإنه روى له هذين البيتين والله أعلم هل هما له أم لا.
وقال خلاد [١] : كنّا يوما جلوسا عند أبي أيوب المورياني وزير المنصور، فأتاه رسول المنصور فقام إليه وقد امتقع لونه، وتغيّر ومضى وعاد، فقال له بعض أصحابه في ذلك، فقال: سأضرب لكم مثلا في ذلك يقوله العامة، وهو أن البازي قال للديك: ما شيء أقلّ وفاء منك لأهلك، أخذوك وأنت بيضة فحضنوك وخرجت على أيديهم، فأطعموك على أكفهم ونشأت بينهم حتى إذا كبرت [جعلت] لا يدنو منك واحد منهم إلا طرت يمنة ويسرة وصحت وصوّتّ، وأنا أخذت كبيرا من الجبال، فعلموني وألّفوني ثم يخلّون عني فآخذ صيدتي فآتي بها إلى أصحابي. فقال له الديك: لو رأيت في سفافيدهم من البزاة ما رأيت فيها من الديوك هربت أشدّ من هربي.
[١] وردت هذه القصة برواية خلاد في الجهشياري: ١٠٢- ١٠٣.