للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تسأليني كيف أنت فإنني ... تنكرت دهري والمعاهد والصحبا

وأصبحت في مصر كما لا يسرّني ... بعيدا من الأوطان منتزحا غربا

وإنّي فيها كامرىء القيس مرة ... وصاحبه لما بكى ورأى الدربا

فإن أنج من بابي زويلا فتوبة ... إلى الله أن لا مسّ خفّي لها تربا

قال السمعاني، قال لي الشريف، قال أبي: قلت هذه الأبيات بمصر، وما كنت ضيق اليد، وكان قد حصل لي من المستنصر خمسة آلاف دينار مصرية.

قال وقال الشريف: مرض أبي إما بدمشق أو بحلب، فرأيته يبكي ويجزع، قلت له: يا سيدي ما هذا الجزع فانّ الموت لا بدّ منه، قال: أعرف ذلك، ولكن أشتهي أن أموت بالكوفة وأدفن بها، حتى إذا نشرت يوم القيامة أخرج رأسي من التراب فأرى بني عمي ووجوها أعرفها، قال الشريف: وبلغ ما أراد.

قال: وانشدني أبو البركات لوالده [١] :

راخ لها زمامها والأنسعا ... ورم بها من العلا ما شسعا

وارحل بها مغتربا عن العدا ... توطئك من أرض العدا متّسعا

يا رائد الظّعن بأكناف الحمى ... بلّغ سلامي إن وصلت لعلعا

وحيّ خدرا بأثيلات الغضا ... عهدت فيه قمرا مبرقعا

كان وقوعي في يديه ولعا ... وأوّل العشق يكون ولعا

ماذا عليها لو رثت لساهر ... لولا انتظار طيفها ما هجعا

تمنّعت من وصله فكلّما ... زاد غراما زادها تمنعا

أنا ابن سادات قريش وابن من ... لم يبق في قوس الفخار منزعا

وابن عليّ والحسين وهما ... أبرّ من حجّ ولبّى وسعى

نحن بنو زيد وما زاحمنا ... في المجد إلّا من غدا مدسّعا

الأكثرين في المساعي عددا ... والأطولين في الضراب أذرعا


[١] هذه الأبيات في ترجمة الشريف في ابن عساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>