للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن أين جاءتك الرياسة والعلا ... وهذا أبوك الألمعي وجدكا

وأمك لا أغتابها أنت عالم ... بها فبماذا طال ويلك مجدكا

ولو كنت إنسانا يعود إلى حجى ... لحدّك عن هذا التبظرم جدّكا

تبظرم هذا الفتى الزائد، على لؤم عنصره شاهد، ومن أمّه أليست تلك الضروط، ووالدة ذلك الوالد، فكيف يتيه وأنّى له؟! مهلا مهلا أيها الفتى، علام وحتى متى، تعقد أنفك تيها، ولا ترى لك في الرياسة شبيها، وتجري في ميدان حمقك، وتتبع شيطان خرقك؟ كأنك لم تدر أن المعلمين أخسّ خلق الله أقدارا، وأوضعهم فخارا، وأقلّهم عقولا، وألأمهم فروعا وأصولا، وأن الإجماع منعقد، والقول متفق، والاتفاق واقع، على أن المعلمين- وإن رجعوا إلى أدب وعلوم، ومعرفة المنثور والمنظوم- لا عقول لهم ولا حلوم، ولا يذكرون في عير، ولا يعدّون في نفير:

وأن ألأم خلق الله كلهم ... من كان للفضل بالتعليم مشتغلا

الله صاغهم حمقى، وأوجدهم ... نوكى، وصيرهم دون الورى سفلا

شاعت حماقاتهم في الناس، فاشتهرت ... بين البرية حتى أصبحوا مثلا

هذا، أطال الله بقاء الشيخ الفقيه الأديب حالي، وصورة آمالي، فكيف ينطق لساني بمقال مرضيّ، أو يسمح خاطري بمعنى زكي:

لو أنّ ابن حجّاج رأى من رأيته ... وشاهد من شاهدته لم يقل شعرا

وعاصته أبكار المعاني وعونها ... فلم يستطع نظما بديعا ولا نثرا

وأمسك إمساك الغبيّ ولم يفه ... بحرف ولم يكتب إلى أحد سطرا

أنا فاعرفوني أشعر الناس كلهم ... علوت بأشعاري وقد سفلوا الشعرى

لأني أعاني ما ترون وخاطري ... يجيش فيبدي كل قافية بكرا

ولو أنهم ناس أجدت مديحهم ... ولم أقتنع بالدون في مدحهم ذكرا

ولكن على قدر العطاء وقدرهم ... أقول فلا أخشى عتابا ولا نكرا

نظمت لهم بعرا يشاكل لؤمهم ... ولو أنهم ناس نظمت لهم درّا

<<  <  ج: ص:  >  >>