خمس وخمسين ومائتين في أيام المعتز أو المهتدي لأن في هذه السنة خلع المعتز وولي المهتدي. ثم رجع إلى خراسان وأخذ عن أصحاب النضر بن شميل والليث.
وصنف كتابا كبيرا رتّبه على حروف المعجم ابتدأ فيه بحرف الجيم وطوّله بالشواهد والروايات الجمة وأودعه تفسير القرآن وغريب الحديث شيئا لم يسبقه إلى مثله أحد تقدمه. ولما كمل الكتاب ضنّ به في حياته فلم يبارك الله له فيما فعله ولم ينسخه أحد حتى مضى لسبيله، واختزن بعد وفاته بعض أقاربه ذلك الكتاب وغرق في جملة ما غرق من [مال] ذلك الرجل فلم ينتفع به. قال أبو منصور الأزهري: أدركت من ذلك الكتاب تفاريق أجزاء فتصفحت أبوابها فوجدتها على غاية من الكمال، والله يغفر لنا ولأبي عمرو ويتغمد زلته، فإن الضن بالعلم غير محمود ولا مبارك فيه. وقيل اتصل أبو عمرو بيعقوب بن الليث الأمير فخرج معه إلى نواحي فارس وحمل معه كتاب الجيم، فطغى الماء من النهروان على معسكر يعقوب، فغرق الكتاب في ما غرق من المتاع.
قال أبو العباس ابن حمويه: سمعت شمر بن حمدويه يقول: دخلت على الياس بن أسد الساماني يوم ورد نعي عبد الله بن طاهر فقال لي: خذ يا شمر، الموت فوت الأبدان وموت الأقران.
ولأبي عمرو من التصانيف غير كتاب الجيم، كتاب غريب الحديث كبير جدا.
وكتاب السلاح. وكتاب الجبال والأودية، وغير ذلك.
- ٥٩٠- شهيد بن الحسين البلخي أبو الحسين الوراق المتكلم: مات سنة خمس عشرة وثلاثمائة. وكان أبو زيد وأبو القاسم وشهيد البلخيون في عصر واحد، كلّ منهم كان إماما في العلوم الحكمية، وكان بينهم مودة وكيدة وعشرة حسنة، وماتوا في مدة قريبة، وكان شهيد هذا أسبقهم موتا، ثم تلاه أبو القاسم، ثم تلاه أبو زيد. وكان صحيح الحفظ مستظهرا فيما يكتبه حتى انه إذا اشتبهت عليه كلمة تتبعها في كثير من
[٥٩٠]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الفهرست: ٣٥٧ وعيون الأنباء ١: ٣١١ والوافي ١٦: ١٩٧.