فضحك المنصور والحاضرون، فلم يرع ذلك صاعدا وقال على البديهة مجيبا لابن العريف:
عاد إلى معدنه إنماتوجد ... في قعر البحار الفصوص
وصنف له أيضا كتاب «الجواس بن قعطل المذحجي مع ابنة عمه عفراء» وهو كتاب لطيف ممتع جدا انخرم في الفتن التي كانت بالأندلس فسقطت منه أوراق لم توجد بعد، وكان المنصور كثير الشغف بهذا الكتاب حتى رتب له من يخرجه أمامه كل ليلة «١» وكان كتابا مليحا جدا وصنف له أيضا كتاب «الهجفجف بن غيدقان بن يثربي مع الخنّوت بنت مخرمة بن أنيف» وهو على طراز كتاب أبي السري سهل بن أبي غالب الخزرجي.
ولم يحضر صاعد بعد موت المنصور مجلس أنس لأحد ممن ولي الأمر بعده من ولده، وإلى ذلك يشير في قصيدته التي قالها للمظفر بن المنصور الذي ولي بعد أبيه وأولها:
إليك حدوت ناجية الركاب ... محملة أماني كالهضاب
وبعت ملوك أهل الشرق طرا ... بواحدها وسيدها اللباب
وفيها يشير إلى مرض لحق بساقه فمنعه من حضور مجالسه، وهو وجع ادعاه وكان يمشي على عصا واعتذر به من التخلف والخدمة إلى أن ذهبت دولتهم فقال:
إلى الله الشكية من شكاة ... رمت ساقي فجلّ بها مصابي
وأقصتني عن الملك المرجّى ... وكنت أرمّ حالي باقترابي
ومنها:
حسبت المنعمين على البرايا ... فألفيت اسمه صدر الحساب
وما قدّمته إلا كأني ... أقدّم تاليا أمّ الكتاب
وأنشد هذه القصيدة بين يدي المظفر في عيد الفطر سنة ست وتسعين وثلاثمائة.