إياكم بعد مولدكم أني لم أخلّف عليكم دينا. فإذا وسّع عليكم فوسّعوا، وإذا أمسك عنكم فاقتصدوا، ولا تجاودوا الله فإنه لا يجاود.
وساوم أبو الأسود ببرد فقال له صاحبه: اشتر حتى أقاربك. فقال له أبو الأسود: إن لم تقاربني تباعدت. قال: إني قد أعطيت به كذا وكذا. قال أبو الأسود: ما يزال أحدهم يحدث عن خير فاته.
وقال أبو الأسود «١» : ليس شيء أعز من العلم، لأن الملوك حكام على أهل الأرض، والعلماء حكام على الملوك.
دخل أبو الأسود على عبيد الله بن زياد فقال «٢» : لقد أصبحت جميلا فلو علّقت معاذة. فعلم أنه يهزأ به، فقال «٣» :
أفنى الشباب الذي أبليت جدّته ... مرّ الجديدين من آت ومنطلق
لم يبقيا لي في طول اختلافهما ... شيئا يخاف عليه لقعة الحدق
قال أبو الأسود لابنته «٤» : إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة، وأزين الزينة الكحل. وعليك بالطيب، وأطيب الطيب إسباغ الوضوء، وكوني كما قلت لأمك:
خذي العفو مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
فإني وجدت الحب في الصدر والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحبّ يذهب
وقال أبو الأسود «٥» : لو أطعنا المساكين في أموالنا كنّا أسوأ حالا منهم.
وقال «٦» : لا تجاودوا الله فإنه أجود وأمجد. ولو شاء أن يوسّع على الناس كلهم لفعل، فلا تجهدوا أنفسكم في التوسع فتهلكوا هزلا.