للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقى الغيث أكناف الحمى من محلة ... إلى الخيف «١» من رمل اللوى والمعاهد

ولا زال مخضرّ من الأرض يانع ... عليه بمحمرّ من الأرض «٢» جاسد

يذكّرنا ريّا الأحبة كلّما ... تنفّس في جنح من الليل بارد

شقائق يحملن الندى وكأنها ... دموع التصابي في خدود الخرائد

ومن لؤلؤ في الأقحوان منظّم ... على لمة «٣» مصفرّة كالفرائد

كأن يد الفتح بن خاقان أقبلت ... إليها بتلك البارقات الرواعد

فاستحسن المبرّد ذلك استحسانا أسرف فيه [وقال] ما صيغت مثل هذه الألفاظ الرطبة، والعبارة العذبة لأحد تقدمك أو تأخر عنك، فاعترته أريحية جرّ بها رداء العجب، فكأنه أعجبني ما يعجب الناس من مراجعة القول. فقلت: يا أبا عبادة، لم تسبق إلى هذا، بل سبقك إلي قولك: «شقائق يحملن الندى» سعيد بن حميد الكاتب في قوله «٤» :

عذب الفراق لنا قبيل وداعنا ... وكم اجترعناه كسمّ ناقع

فكأنما أثر الدموع بخدها ... طلّ سقيط فوق ورد ناصع

وشركك فيه صاحبنا أبو العباس الناشىء مما أنشدنيه آنفا «٥» :

بكت للفراق وقد راعني ... بكاء الحبيب لبعد الديار

كأن الدموع على خدها ... بقية طلّ على جلنّار

وما أساء ابن الرومي بل أحسن في زيادته عليك حيث يقول «٦» :

لو كنت يوم الفراق شاهدنا ... وهنّ يطفئن لوعة الوجد

<<  <  ج: ص:  >  >>