المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ويكنى أبا العباس. مات في ربيع الآخر سنة ست وتسعين ومائتين مقتولا.
زعموا أن مولده في شعبان سنة سبع وأربعين ومائتين.
كان غزير الأدب وافر الفضل، نفيس النفس، حسن الأخلاق، وقد أخذ من كل فن من العلوم بنصيب. فأما شعره فهو الغاية في الأوصاف والتشبيهات، يقر له بذلك كل ذي فضل، وقد لقي طائفة من جلة العلماء كأبي العباس المبرد وثعلب، وتأدب عليهما، ولقي أبا علي الحسن بن عليل العنزي، وروى عنه. وروى عنه شعره جماعة منهم أبو بكر الصولي. فمن أشعاره ما كتبه إلى أبي العنبس بن أبي عبد الله بن حمدون المغني:
حتّام يا من أهوى مودته ... ينقطع الوصل حين يتصل
إذا التقينا فالهجر ناحية ... يضحك منا والوصل محتفل
فأجابه:
لم ينأ من لم تزل مودّته ... ولا افترقنا والحبل متصل
وليس ودّي مما يغيّره الد ... هر بأحداثه فينتقل
وكتب إلى أبي الطيب القاسم بن محمد النميري في يوم عيد، وكان النميري من أهل الأدب والعقل، مليح الشعر، رقيق الطبع، وكان له نعمة واسعة، وكان ابن المعتز يأنس به:
بأبي هل حلا بعينيك شيء ... هو أسلاك يا خليلي بعدي
كلّ شيء مرّ إذا لم تزرني ... وهو عذب إذا رأيتك عندي
فأجابه:
سيدي أنت لم تردني فماذا ... حيلتي إذ شقيت منك بصدّ
يعلم الله ما أعالج من شو ... قي ومن حسرتي وغمّي ببعدي