متكلم. فجرى ذكر ابن مقلة وخطّه، وأفيض في رفعه وحطه، فقال:
خطّ ابن مقلة من أرعاه مقلته ... ودّت جوارحه لو أصبحت مقلا
وكان ملوك الأندلس تتهادى مصنفاته تهادي المقل للكرى، والآذان للقرى «١» .
ومن شعره:
أجدّ هوى لم يبل دهرا تجددا ... ووجدا إذا ما أتهم الوجد أنجدا
وما زال هذا الدهر يلحن في الورى ... فيرفع مجرورا ويخفض مبتدا
ومن لم يحط بالناس علما فإنني ... بلوتهم شتّى مسودا وسيّدا
وكان، رحمه الله، معاقرا للراح لا يصحو من خمارها، ولا يمحو رسم داره «٢» من مضمارها، ولا يريح إلا على تعاطيها، ولا يستريح إلا إلى معاطيها، وقد اتخذ إدمانها هجيراه، فلما دخل رمضان طالبته نفسه بها، وخاف واشيا يشي به، فقال يخاطب نديمين له «٣» :
خليلي إني قد طربت إلى الكاس ... وتقت إلى شمّ البنفسج والآس
فقوما بنا نلهو ونستمع الغنا ... ونسرق هذا اليوم سرّا من الناس
فإن فطنوا كنا نصارى ترهّبوا ... وإن غفلوا عدنا إليهم من الراس
وليس علينا في التعلّل ساعة ... وإن وقعت في عقب شعبان من باس
بيت «٤» :
متى تخطىء الأيام فيّ بأن أرى ... بغيضا تنائي أو حبيبا تقرّب
فصل من كلامه يهنىء الوزير أبا بكر ابن زيدون بالوزارة: أسعد الله بوزارة سيدنا الدنيا والدين، وأجرى لها الطير الميامين، ووصل بها التأييد والتمكين، والحمد لله على أمل قد بلغه، وجذل قد سوّغه، وضمان حقّقه، ورجاء صدقه، وله المنّة في ظلام كان أعزه الله صبحه، ومستبهم غدا شرحه، وعطل نحر عاد حليه،