للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما زال يضحك منها ويعجب لها.

قال ثعلب: كان ابن عيّاش المنتوف عالما بالمثالب والأنساب شاعرا هجاء، وكان يتقى لسانه، وكان ينتف لحيته كلما طالت. فقال المنصور له يوما: انظر إلى لحية عبد الله بن الربيع، ما أحسنها! فحلف ابن عياش أنه أحسن منه. فقال ابن الربيع: ما أجرأك على الله، أيها الشيخ. فقال: يا أمير المؤمنين: احلق لحيته، وأقمني إلى جنبه حتى ترى.

وقيل: إنه كان يطعن في الربيع الحاجب في نسبه طعنا قبيحا، ويقول له: فيك شبه من المسيح، يخدعه بذلك. فكان يكرمه لذلك، حتى أخبر المنصور بما قاله.

فقال له المنصور: إنه يريد أنه لا أب لك. فتنكّر له بعد ذلك.

وحدث ابن عياش أن رجلا أخذ من لحية عمر بن الخطاب، رضي الله عنه شيئا. فقال له: ليكن لسانك أطول من يديك.

قال رجل لابن عياش: لي إليك حاجة صغيرة؟ قال: اطلب لها صغيرا مثلها.

وحدث ابن شبرمة قال «١» : بكرت على أبي جعفر المنصور ذات يوم، وقد خرج عليه إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن فدخلت عليه في آخر الليل، فإذا ابن عياش المنتوف واقف، وهيلانة جاريته، فقال لها: يا لخناء، ما وراءك؟ قالت: يا أمير المؤمنين: إن هاتين العروستين اللتين جاء بهما إسحاق الأزرق من الكوفة:

الطلحية والتميمية، قد ساءت ظنونهما، وخبثت أنفسهما إذ لم يدعهما أمير المؤمنين فيبسط من آمالهما، وينظر في حوائجهما، فقال: أخسئي يا لخناء، لا والله، لا أطعم الطعام الطيب، ولا أشرب الشراب البارد حتى أعلم رأسي في يد إبراهيم، أو رأس إبراهيم في يدي. ثم التفت فلحظ ابن عياش يبتسم، فقال: ما هذا التبسّم، ويلك يا ابن عياش؟ فقال: يا أمير المؤمنين: ذكرت بيت الأخطل في عبد الملك بن مروان. قال: وما هو؟ قال: قوله «٢» :

<<  <  ج: ص:  >  >>