للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعفر محمد بن عبد العزيز بن أبي القاسم بن عمر بن سليمان بن الحسن بن إدريس بن يحيى العالي بن علي المعتلي- وهو الخارج بالمغرب والمستولي على بلاد الأندلس- ابن حمود بن ميمون بن أحمد بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام. وأخبرني الشريف المذكور وكان من تلاميذه «١» قال: كان البلطي رجلا طوالا جسيما طويل اللحية واسع الجبهة أحمر اللون يعتمّ بعمة كبيرة جدّا ويتطلّس بطيلسان لا على زيّ المصريين، بل يلقيه على عمامته ويرسله من غير أن يديره على رقبته، وكان يلبس في الصيف المبطّنة والثياب الكثيرة حتى يرى كأنه عدل عظيم، وكان إذا دخل فصل الشتاء اختفى حتى لا يكاد يظهر، وكان يقال له أنت في الشتاء من حشرات الأرض، وكان إذا دخل الحمام يدخل إلى داخله وعلى رأسه مزدوجة مبطّنة بقطن، فإذا حصل عند الحوض الذي فيه الماء الحارّ كشف رأسه بيده الواحدة وصبّ على رأسه الماء الحارّ الشديد الحرارة بيده الأخرى، ثم يغطيه إلى أن يملأ السطل، ثم يكشفه ويصبّ عليه، ثم يغطيه، يفعل ذلك مرارا، فإذا قيل له في ذلك قال: أخاف من الهواء.

قال الإدريسي: هذه كانت حاله في هيئته وسمته، فأما علمه فكان عالما إماما نحويّا لغويّا أخباريّا مؤرخا شاعرا عروضيّا قلّ ما سئل عن شيء من العلوم الأدبية إلا وأحسن القيام بها، وكان يخلط «٢» المذهبين في النحو ويحسن القيام بأصولهما وفروعهما، وكان مع ذلك خليعا ماجنا شرّيبا للخمر منهمكا على اللذّات.

قال الشريف الإدريسي: فحدثني الفقيه ابن أبي المالك قال: خرجت إلى بعض المتنزهات بضواحي مصر فلقيت البلطيّ مع جماعة من أهل الخلاعة، ومطرب يغنّيهم ببعض الملاهي، وهو ثمل يتمايل سكرا، فتقدمت إليه وقلت له، وكانت بيني وبينه مباسطة تقتضي ذلك، فقلت له: يا شيخ أما آن لك أن ترعوي وتقلع عن هذه الرذائل مع تقدمك في العلم وفضلك؟! فنظر إليّ شزرا ولم يكترث بقولي، وأنشدني بعد ما نتريده من يدي شعر أبي نواس «٣» :

<<  <  ج: ص:  >  >>