للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فأدخلها الحاجب ثم خرج إليّ فأدخلني، فمدّ المأمون باعيه فأكببت على يديه أقبلهما [١] فضمني إليه وأجلسني.

قال المرزباني: إن المأمون وقّع على ظهر هذه الأبيات:

إنما مجلس الندامى بساط ... للمودات بينهم وضعوه

فإذا ما انتهوا إلى ما أرادوا ... من حديث ولذة رفعوه

وحدث أبو الفرج الأصبهاني في كتابه [٢] ورفعه إلى إبراهيم بن اليزيدي قال:

كنت مع المأمون في بلد الروم، فبينا أنا أسير في ليلة مظلمة شاتية ذات غيم وريح وإلى جانبي قبة إذ برقت بارقة [٣] فإذا في القبة عريب المغنية جارية المأمون، فقالت:

إبراهيم بن اليزيدي؟ فقلت: لبيك، فقالت: قل في هذا البرق أبياتا أغني فيها، فقلت:

ماذا بقلبي من أليم الخفق ... إذا رأيت لمعان البرق

من قبل الأردنّ أو دمشق ... لأنّ من أهوى بذاك الأفق

فارقته وهو أعزّ الخلق ... عليّ والزّور خلاف الحق

ذاك الذي يملك منّي رقّي ... ولست أبغي ما حييت عتقي

فتنفّست نفسا ظننت أنه قد قطع حيازيمها، فقلت: ويحك على من هذا؟! فضحكت وقالت: على الوطن، فقلت: هيهات ليس هذا كله للوطن، فقالت:

ويحك أفتراك ظننت أنك تستفزني؟ والله لقد نظرت نظرة مريبة في مجلس فادعاها أكثر من ثلاثين رئيسا، والله ما علم أحد منهم لمن كانت إلى هذا الوقت.

ووجدت في بعض الكتب أن إبراهيم اليزيديّ دخل يوما على المأمون وعنده يحيى بن أكثم القاضي، فأقبل يحيى على إبراهيم يمازحه وهم على الشراب، فقال له فيما قال: ما بال المعلمين ينيكون الصبيان؟ فرفع إبراهيم رأسه فإذا المأمون يحرّض


[١] م وابن عساكر: فقبلتهما، وما هنا رواية ر.
[٢] الأغاني ٢٢: ٢١٧ ونقله ابن عساكر. والمقريزي.
[٣] ابن عساكر: برقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>