طريثيث- قال «١» : كان الشيخ علي بن الحسن الباخرزي شريكه في مجلس الإفادة من الإمام الموفق النيسابوري في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة فهجاه الشيخ علي بن الحسن فقال مداعبا:
أقبل من كندر مسيخرة ... للنحس في وجهه علامات
يحضر دار الأمير وهو فتى ... موضع أمثاله الخرابات
فهو جحيم ودبره سعة ... كجنّة عرضها السّماوات
قال: وكان أول عمل الكندري حجبة الباب، ثم تمكن في مدة أيام السلطان طغر لبك وصار وزيرا محكّما، فورد عليه الشيخ علي بن الحسن وهو ببغداد في صدر الوزارة في ديوان السلطان، فلما رآه الوزير قال له: أنت صاحب «أقبل» ؟ فقال له:
نعم، فقال الوزير: مرحبا وأهلا فإني قد تفاءلت بقولك «أقبل» ، ثم خلع عليه قبل إنشاده وقال له: عد غدا وأنشد، فعاد في اليوم الثاني وأنشد هذه القصيدة «٢» :
أقوت معاهدهم بشطّ الوادي ... فبقيت مقتولا وشطّ الوادي
وسكرت من خمر الفراق ورقّصت ... عيني الدموع على غناء الحادي
منها:
في ليلة من هجره «٣» شتوية ... ممدودة مخضوبة بمداد
عقمت بميلاد الصباح وإنها ... في الإمتداد كليلة الميلاد
منها:
غرّ الأعادي منه رونق بشره ... وأفادهم بردا على الأكباد
هيهات لا يخدعهم إيماضه ... فالغيظ تحت تبسّم الآساد
فالبهو منه بالبهاء موشّح ... والسّرج منه مورق الأعواد
وإذا شياطين الضلال تمردوا ... خلّاهم قرناء في الاصفاد