هبة الله بن عبد الله بن الحسين أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسن بن أبي محمد بن أبي علي الشافعي الحافظ، أحد أئمة الحديث المشهورين والعلماء المذكورين، ولد في المحرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة ومات في الحادي عشر من رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة وقد بلغ من السن اثنتين وسبعين سنة وستة أشهر وعشرة أيام، وحضر جنازته بالميدان والصلاة عليه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله. قال العماد «١» : وكان الغيث قد احتبس في هذه السنة فدّر وسمح «٢» عند ارتفاع نعشه، فكأنّ السماء بكت عليه بدمع وبله وطشّه. وسمّعه أخوه سنة خمس وخمسمائة، وسمع هو بنفسه من والده وأبي محمد الأكفاني، وذكر خلقا من شيوخ دمشق، ورحل إلى العراق في سنة عشرين وخمسمائة وأقام بها خمس سنين، وسمع ببغداد من أبي القاسم بن الحصين وغيره وحج في سنة إحدى وعشرين، وسمع بمكة ومنى والمدينة، وبالكوفة وأصبهان القديمة واليهودية ومرو الشاهجان ونيسابور وهراة وسرخس وأبيورد وطوس وبسطام والريّ وزنجان، وذكر بلادا كثيرة يطول عليّ ذكرها من العراق وخراسان والجزيرة والشام والحجاز. قال:
وعدّة شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ، ومن النساء بضع وثمانون امرأة. وحدث ببغداد ومكة ونيسابور وأصبهان، وسمع منه جماعة من الحفاظ ممن هو أسنّ منه، وروى عنه أبو سعد ابن السمعاني فأكثر، وروى هو عنه. ولما دخل بغداد سمع الدرس بالنظامية مدة مقامه بها، وعلّق مسائل الخلاف على الشيخ أبي سعد إسماعيل بن أبي صالح الكرماني وانتفع بصحبة جده أبي الفضل في النحو والعربية.
وجمع وصنّف فمن ذلك: كتاب تاريخ مدينة دمشق وأخبارها وأخبار من حلّها أو وردها في خمسمائة وسبعين جزءا من تجزئة الأصل، والنسخة الجديدة ثمانمائة جزء. كتاب الموافقات على شيوخ الأئمة الثقات، اثنان وسبعون جزءا. كتاب الإشراف على معرفة الأطراف، ثمانية وأربعون جزءا. كتاب تهذيب الملتمس من