قرأ كتب الأوائل على أبي الحسن الوائلي بنيسابور ثم على أبي الخير ابن الخمار «١» وورد بغداد في أيام أبي غالب ابن خلف الوزير فخر الملك ومدحه، واتفق اجتماعي معه وأنسي به، وكان يلبس الدراعة على رسم الكتاب، وأنشدني لنفسه «٢» :
لا يؤيسنّك من مجد تباعده ... فان للمجد تدريجا وترتيبا
إن القناة التي شاهدت رفعتها ... تنمي وتنبت أنبوبا فأنبوبا
قال أبو الفضل البندنيجي: سمعته ينشد لنفسه:
يا سيف إن تدرك بحاشية اللوى ... ثأرا أكن لمديح طبعك ناظما
اجعل قرابك فضة مسبوكة ... واصنع عليك من الزبرجد قائما
ما أرضعتك صياقلي ماء الردى ... إلا لترضعني الدماء سواجما
قال: وحضرت معه في مجلس أبي غانم القصري الناظر، كان، في الدواوين بجرجان على البريد، فعمل بديها ما دفعه إلى المغني فغنى فيه:
يا هاجرا لي بغير جرم ... مستبدل الوصل بالصدود
أضنيت جسمي فلم تغادر ... مني دليلا على الوجود
وله أيضا «٣» :
كلّ مالي فهو رهن ما له ... من فكاك في مساء وابتكار
ففؤادي أبدا رهن هوى ... وردائي أبدا رهن عقار
فدع التفنيد يا صاح لنا ... إنما الربح لأصحاب الخسار
لو ترى ثوبي مصبوغا بها ... قلت ذمّيّ تبدّى في غيار
ولقد أمرح في شرخ الصبا ... مرح المهرة في ثني العذار