وإن أخلفتها الغاديات وعودها «١» ... تكلّف تصديق الغمام دموعها
سقى جانبي بغداد كلّ غمامة ... يحاكي دموع المستهام هموعها
معاهد من غزلان إنس تحالفت ... لواحظها ألا يداوى صريعها
بها تسكن النفس النفور ويغتدي ... بآنس من قلب المقيم نزيعها
يحنّ إليها كلّ قلب كأنما ... تشاد بحبّات القلوب ربوعها
فكلّ ليالي عيشها زمن الصّبا ... وكلّ فصول الدهر فيها ربيعها
وله في ذلك «٢» :
بجانب الكرخ من بغداد لي سكن ... لولا التجمل لم أنفكّ أندبه
وصاحب ما صحبت الصبر مذ بعدت ... دياره وأراني لست أصحبه
في كلّ يوم لعيني ما يؤرقها ... من ذكره ولقلبي ما يعذّبه
ما زال يبعدني عنه وأتبعه ... ويستمرّ على ظلمي وأعتبه
حتى أوت لي النوى من طول جفوته ... وسهّلت لي سبيلا كنت أرهبه
وما العباد دهاني بل خلائقه ... ولا الفراق شجاني بل تجنبه
وله في التخلص «٣» :
أو ما انثنيت عن الوداع بلوعة ... ملأت حشاك صبابة وعليلا
ومدامع تجري فتحسب أن في ... آماقهنّ بنان إسماعيلا
وله من قصيدة في الأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير:
ولما تداعت للغروب شموسهم ... وقمنا لتوديع الفريق المغرّب
تلقّين أطراف السجوف بمشرق ... لهنّ وأعطاف الخدور «٤» بمغرب
فما سرن إلا بين دمع مضيّع ... ولا قمن إلا بين قلب معذّب
كان فؤادي قرن قابوس راعه ... تلاعبه بالفيلق المتأشّب