قال مؤلف الكتاب: ورأيت بخطه عدة كتب فلم أر أحسن ضبطا وإتقانا للكتابة منه، فإنه يجعل الاعراب على الحرف بمقدار الحرف احتياطا، ويكتب على الكلمة المشكوك فيها عدة مرار صح صح صح، وكان من جمّاعي الكتب وأرباب الهوى فيها.
وذكره أبو الحسن محمد بن جعفر التميمي المعروف بابن النجار في «كتاب الكوفة» من تصنيفه قال: ومن أصحاب ثعلب أبو الحسن أحمد بن محمد الكوفي الأسدي الذي خطه اليوم يؤتدم به، وبيع جزازات كتبه ورقاع سؤالاته العلماء كل رقعة بدرهم، وأنفق على العلم ثلاثين ألف درهم على ثعلب وحده. هكذا قال «أحمد بن محمد» وأظنه سهوا منه فان ابن الكوفي المشهور بجودة الضبط اسمه بخطه على عدة من كتبه، وهو: علي بن محمد بن عبيد الكوفي الأسدي كما قدمنا، فإن صحت رواية ابن النجار فهو غير الذي نعرفه نحن، فإني لم أر لهذا المسمى ذكرا مع كثرة بحثي وتنقيري. ووجدت جزازة من إملاء أبي الهيذام كلاب بن حمزة العقيلي اللغوي- وله في هذا الكتاب ترجمة «١» - ما صورته: ولأبي الهيذام إلى أبي الحسن ابن الكوفي النحوي البغدادي رحمه الله:
أبا حسن أراك تمدّ حبلي ... لتقطعه وأرسله بجهدي
وأتبعه إذا قصر احتياطا ... وأنت تشدّ جذبك أيّ شد
أخيّ فكم يكون بقاء حبل ... يتلتل بين إرسال ومدّ
تعالى الله ما أجفى زمانا ... بقيت له وأنكد فيه جدي
أظنّ الدهر يقصدني لأمر ... يحاوله ويطلبني بحقد
إذا ذهبت بشكلي عن ودادي ... مذاهبه فكيف ألوم ضدي
سأصبر طائعا وأغضّ طرفي ... وأحفظ عهد مطّرح لعهدي
وأقصد أن أحصّل لي صديقا ... أعزّ به على خطأي وعمدي