للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمضروب المتكذب، فقلت له: إنه وإن كان قد جهل فقد غمّني ما لحقه خوفا من أن أكون سببه، فإن أمكنك أن تسقط عنه المكروه أو بعضه أجرت، فقال: ما في هذا لعنه الله أجر، ولكن أقتصر على خمسين مقرعة وأعفيه من السياط، ثم وقع بذلك الى نزار وانصرفنا. فصار حامد من أعدى الناس لي.

وقال ابن عبد الرحيم [١] حدثني القاضي أبو القاسم التنوخي، وله بأمره الخبرة التامة لما يجمعهما من النسب في الصناعة قال: كان أبو جعفر من جلّة الناس وعظمائهم وعلمائهم، وتقلد قضاء الأنبار وهيت والرحبة وسقي [٢] الفرات في أيام المعتمد بعد كتبة الموفق أبي أحمد سنة سبعين ومائتين وأقام يليها إلى سنة ست عشرة وثلاثمائة، وأضيف له إليها الأهواز وكورها السبع [٣] وخلفه عليها جدّي أبو القاسم علي بن محمد التنوخي في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وقلّده ماه الكوفة وماه البصرة [٤] مضافات إلى ما تقدم ذكره، ثم ردّ عليه مدينة المنصور وطسّوج مسكن وقطر بل بعد فتنة ابن المعتز في سنة ست وتسعين ومائتين، ولم يزل على هذه الولايات إلى سنة ست عشرة وثلاثمائة، وأسنّ وضعف، فتوصل أبو الحسين الأشناني [٥] إلى أن ولي قضاء المدينة، فكانت له أحاديث قبيحة، وقيل إن الناس سلموا عليه بالقبا [٦] إيماء الى البغاء، وكان اليه الحسبة ببغداد، فصرف في اليوم الثالث وأعيد العمل إلى أبي جعفر فامتنع من قبوله، ورفع يده عن النظر في جميع ما كان إليه وقال: أحبّ أن يكون بين الصرف والقبر فرجة، ولا أنزل من القلنسوة [٧] إلى الحفرة، وقال في ذلك:


[١] نقله الأستاذ الشالجي في النشوار ٤: ٢٣.
[٢] في م: طريق، وصوبه الشالجي.
[٣] كور الأهواز السبع هي: سوق الأهواز ورامهرمز وإيذج وعسكر مكرم وتستر وجنديسابور وسوس وسرق ونهرتيرى ومناذر (معجم البلدان ١: ٤١١) .
[٤] ماه الكوفة هي الدينور، وماه البصرة نهاوند.
[٥] هو عمر بن الحسن بن علي محدث بغدادي ولي القضاء بنواحي الشام (انظر مادة الأشناني في الأنساب والمنتظم ٦: ١٦٦) .
[٦] يرجح الأستاذ الشالجي أن تكون بالبقا (أي يدعون له بالبقاء وهم ينوون قلب القاف غينا) .
[٧] القلنسوة: رمز للقضاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>